خشفان (١) في البرية ، وقد تعقّد اللبن في أخلافي ، لا هو يذبحني فأستريح ، ولا يدعني فأرجع إلى خشفيّ في البرية ، فقال لها رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن تركتك ترجعين؟» قالت : نعم ، وإلّا عذّبني الله عذاب العشّار (٢) ، قال : فأطلقها رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فلم تلبث أن جاءت تلمّظ (٣) فشدّها رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى الخباء ، وأقبل الأعرابي معه قربة ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أتبيعنيها؟» قال : هي لك يا رسول الله ، فأطلقها رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
قال زيد بن أرقم : فأنا والله رأيتها تسيح في البرية وهي تقول : لا إله إلّا الله محمد رسول الله (٤) [١١٣٩].
[ما جاء في شهادة الضب للنبي صلىاللهعليهوسلم بالرسالة](٥)
أخبرنا أبو الفتح نصر بن محمّد بن عبد القوي الفقيه ، قالا (٦) : نا أبو الفتح نصر بن إبراهيم الزاهد ، أنا الفقيه أبو نصر محمّد بن إبراهيم بن علي الهاروني ، أنا أبو الحسن أحمد بن محمّد بن عمران بن موسى بن عروة بن الجراح ، نا أبي ، أخبرني علي بن محمّد بن حاتم ، حدّثني أبو عبد الله الحسين بن محمّد بن يحيى العلوي بالمدينة عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب رضوان الله عليه قال :
بينما النبي صلىاللهعليهوسلم في مجلسه يحدث الناس بالثواب والعقاب ، والجنّة والنار ، والبعث والنشور ، إذ أقبل أعرابي من بني سليم بيده اليمنى عظام نخرة ، وفي يده اليسرى ضبّ ، فأقبل بالعظام يضعها بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثم عركها برجله ثم قال : يا محمّد ترى ربك يعيدها (٧) خلقا جديدا ، فأراد النبي صلىاللهعليهوسلم جوابه ثم انتظر الإجابة من السماء ، فنزل جبريل على النبي صلىاللهعليهوسلم : (وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ : مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ، قُلْ : يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ)(٨) فقرأها
__________________
(١) بالأصل : خشفين ، والصواب ما أثبت. والخشفان : مثنى خشف : وهو ولد الظبي أول ما يولد.
(٢) العشار : صاحب المكس ، الذي يقف في مداخل المدن فلا يدع أحدا يدخلها من تاجر أو غيره إلّا أخذ منه شيئا بدون وجه حق. وفي الحديث : إن لقيتم عاشرا فاقتلوه ، انظر اللسان والنهاية (عشر).
(٣) كانت قد أخرجت لسانها تمسح به شفتيها ، ويحصل ذلك في أكثر الأحيان بعد الأكل أو الشرب.
(٤) ورواه أبو نعيم أيضا في الدلائل رقم ٢٧٣ وابن كثير في البداية والنهاية ٦ / ١٤٨ والسيوطي في الخصائص ٢ / ٢٦٧.
(٥) عنوان أضفناه للإيضاح.
(٦) كذا.
(٧) غير واضحة بالأصل والصواب ما أثبت.
(٨) سورة يس ، الآيتان ٧٨ ـ ٧٩.