أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع اللفتواني ، أنا أبو عمرو بن منده ، أنا الحسن بن محمّد بن أحمد ، أنا أحمد بن محمّد بن عمر ، نا أبو بكر بن أبي الدنيا ، نا أحمد بن عبدة الطّبسي ، نا حمّاد بن زيد ، عن ابن جريج ، عن عبد الله بن أبي مليكة ، عن عبيد بن عمير ، قال : بينما إبراهيم خليل الرّحمن يوما في داره ، إذ دخل عليه رجل حسن الشارة فقال : يا عبد الله من أدخلك داري؟ قال : أدخلنيها ربها ، قال : فربها أحق بها ، فمن أنت؟ قال : أنا ملك الموت ، قال : لقد بعث لي منك أشياء ما أراها فيك ، قال : أدبر ، فأدبر فإذا عيون مقبلة ، وإذا عيون مدبرة ، وإذا شعرة منه كأنها إنسان قائم ، قال فتعوذني الله من ذلك وقال : عد إلى الصورة الأولى ، قال : يا ملك الموت لقد دخلت عليّ قبل في صورة حسنة ، ثم رأيتك تحوّلت في هذه الصورة الخبيثة (١) [قال :] إذا بعثني إلى من يكره لقاءه بعثني في هذه الصورة الخبيثة (٢) التي رأيت آنفا ، وإن الله قد اتّخذ من أهل الأرض خليلا ، قال : يا ملك الموت أخبرني عنه في ما آته فأخبره فأصحبه وأخدمه وأكون معه قال : فإنّك أنت هو ، قال : فحمد الله وأثنى عليه.
قال : فلما أراد الله تبارك وتعالى قبضه قال : يا ملك الموت ، اقبض روح خليلي وائته من باب لا تروعه منه. قال : يا ربّ ما أتيته من باب إلّا رعته ، فكرّه إليه الحياة.
قال : فبينما إبراهيم يوما في ظل داره إذ أقبل شيخ يتوكأ على عصا حتى جلس إليه ، فدعا بطعام ، وكان يقري الضيف ، وكان كلما أكل لقمة خرجت أسفل منه ، قال إبراهيم : كم أتى لك؟ قال : أحد وستون ومائة سنة ، وكان إبراهيم يومئذ ابن مائة وستين سنة ، قال : ما بقي أن ألقى هذا إلّا أن أدخل في سنتي هذه ، فكره الحياة فأوحى الله إلى ملك الموت أن اقبض روح خليلي على أيسر ذلك. فأتاه برائحة من مسك الجنة ، فاستنشاه إيّاها حتى خرجت روحه فلما لقي الله عزوجل قال : يا إبراهيم كيف وجدت الموت؟ قال : يا ربّ وجدت كأنها تنزع بالسلا ، قال : فإنّما قد يسّرنا عليك.
قال حمّاد : وفي آخر الحديث كلمة لابن شداد.
قال : ونا ابن أبي الدنيا أنا أزهر بن مروان الرقاشي ، نا جعفر بن سليمان ، نا أبو عمران الجوني ، عن عبد الله بن رباح ، عن كعب ، قال : كان إبراهيم ـ عليهالسلام ـ
__________________
(١) رسمها غير واضح ، ولعل ما أثبت هو الصواب ، ولعلها : الخشنة.
(٢) رسمها غير واضح ، ولعل ما أثبت هو الصواب ، ولعلها : الخشنة.