الإسكندرية فمررنا بنهر يقال له الأردن ، فقعدنا نستريح ، وكان مع أبي يوسف كسيرات يابسات فألقاها بين أيدينا فأكلناها وحمدنا الله تعالى ، فقمت أسعى أتناول ماء لإبراهيم ، فبادر إبراهيم فدخل النهر حتى بلغ الماء إلى ركبتيه ، فقال بكفّيه في الماء فملأهما ، ثم قال : بسم الله وشرب الماء ، ثم قال : الحمد لله (١) ، ثم إنه خرج من النهر فمدّ رجليه ثم قال : يا أبا يوسف لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من النعيم والسّرور لجالدونا بالسيوف أيّام الحياة على ما نحن فيه من لذيذ العيش وقلة التعب. فقلت : يا أبا إسحاق طلب القوم الراحة والنعيم فأخطئوا الطريق المستقيم ، فتبسم ثم قال : من أين لك هذا الكلام؟
أخبرنا أبو القاسم الشّحّامي ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني جعفر بن محمّد ، حدّثني إبراهيم بن نصر ، حدّثني إبراهيم بن بشّار ، قال :
مضيت مع إبراهيم بن أدهم في مدينة يقال لها أطرابلس (٢) ، ومعي رغيفين ما لنا شيء غيرهما ، وإذا سائل يسأل فقال لي : ادفع إليه ما معك فتلبثت ، فقال : ما لك؟ اعطه ، قال : فأعطيته وأنا متعجب من فعله ، فقال : يا أبا إسحاق إنك تلقى غدا ما لم تلقه قط ، واعلم أنك تلقى ما أسلفت ، ولا تلقى ما خلّفت ، تعهّد لنفسك ، فإنك لا تدري متى يفجأك أمر ربّك. قال : فأبكاني كلامه وهوّن عليّ الدنيا قال : فلما نظر إليّ أبكي قال : هكذا ، فكن.
٣٧٩ ـ إبراهيم بن بكر
أبو الأصبع (٣) البجلي
أخو بشر بن بكر من أهل دمشق. حدث بمصر ، عن ثور بن يزيد ، وأبي (٤) زرعة بن إبراهيم القرشي ، وإبراهيم بن معاوية الشامي.
روى عنه : أبو بكر بن البرقي ، وأبو سليمان جامع بن سوادة المصريان.
أخبرنا أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة ، نا عبد العزيز بن أحمد ، أنا أبو
__________________
(١) بعدها في الحلية زيادة ، راجعها فيما تقدم.
(٢) يعني أطرابلس الشام ، وهي مدينة مشهورة بين اللاذقية وعكا على ساحل بحر الشام (معجم البلدان).
(٣) كذا بالأصل بالعين المهملة ، وفي مختصر ابن منظور ٤ / ٣٩ أبو الأصبغ بالغين المعجمة.
(٤) عن المختصر ، سقطت من الأصل.