محمّد الحداد ـ بدمشق ـ أنا أبو محمّد عبد الرّحمن بن عثمان بن أبي نصر ، نا أبو عمر محمّد بن سليمان بن أبي داود اللّبّاد قال : حضرت مجلس أبي عبد الله بن الجلّاء فحدّثنا أن هارون الرّشيد دخل (١) إلى بيت الله الحرام ومعه رجل من بني شيبة فأقام معه طويلا فقال له هارون : يا شيبي قد دخلت معي هذا البيت فهل لك من حاجة؟ فقال له : يا أمير المؤمنين إني لأستحي من الله أن أسأل في بيته غيره ، قال : فأعجب هارون ذلك الكلام ، فلما خرج هارون من البيت أمر له بسبع بدر (٢)(٣) ، فأعادها عليه مرارا ، فقال له ابن الجلاء : لم تردّدها إذا رأيت أحدا يعظم أمر الدنيا مقته قلبي.
وجدت هذه الحكاية بخط نصر بن الجبّان ، عن أبي محمّد بن أبي نصر ، قال : سمعت أبا طالب بن النجاد يقول : سمعت الحسن بن حبيب يقول : حضرت مجلس أبي عبد الله بن الجلّاء فذكرها.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن أحمد بن الحسن البروجردي ، أنا أبو سعد علي بن عبد الله بن أبي صادق الحيري ، أنا أبو عبد الله محمّد بن عبد الله بن باكويه الشيرازي ، نا عبد الواحد بن بكر ، نا محمّد بن علي بن الجلندي قال : سمعت أبا عبد الله أحمد بن يحيى بن الجلّاء يقول ، وقد سئل عن المحبة ، فقال : ما لي وللمحبة إني أريد أن أتعلّم التوبة.
قال : وأنا ابن باكويه ، أنا أبو الحسن علي بن أحمد الحنظلي ، أنا أحمد بن علي الإصطخري ، أنا أبو عمر الدّمشقي ، قال : خرجنا مع أبي عبد الله بن الجلّاء إلى مكة ، فمكثنا أيّاما لم نجد ما نأكل ، قال : فوقعنا (٤) إلى حي في البرية ، فإذا بأعرابية وعندها شاة فقلنا لها : بكم هذه الشاة؟ فقالت : بخمسين درهما ، فقلنا لها : أحسني ، فقالت : بخمسة دراهم ، فقلنا لها : تهزئين؟ فقالت : لا والله ولكن سألتموني الإحسان فلو أمكنني لم آخذ شيئا ، فقال أبو عبد الله بن الجلّاء : إيش الذي معكم ، قلنا : ستمائة درهم ، فقال : أعطوها ، واتركوا الشاة عليها فما سافرنا سفرة أطيب منها.
__________________
(١) بالأصل : «ودخل» والمثبت عن المختصر لابن منظور.
(٢) بدر جمع بدرة ، كيس فيه مال ، كمية اختلفت من عهد إلى عهد (اللسان).
(٣) بعدها في المختصر : فقال الحسن بن حبيب : لابن الجلاء يا حبيبي ، أمر له بسبع بدر؟!.
(٤) بالأصل «فوقفنا» والمثبت عن المختصر.