كأنّي من تذكّر ما ألاقي |
|
إذا ما أظلم الليل البهيم |
سليم ملّ منه أقربوه |
|
وودّعه (١) المداوي والحميم |
وكم من حرّة بين المنقّى (٢) |
|
إلى أحد إلى ما حاز ريم (٣) |
إلى الجمّاء (٤) من خدّ أسيل |
|
نقيّ اللّون ليس له كلوم |
يضيء دجى الظلام إذا تبدّى |
|
كضوء الفجر منظره وسيم |
فلما أن دنا منا (٥) ارتحال |
|
وقرّب ناجيات السّير كوم (٦) |
أتين مودّعات والمطايا |
|
على أكوارها خوص (٧) هجوم |
فقائلة ومثنية علينا |
|
تقول وما لها فينا حميم |
وأخرى لبّها معنا ولكن |
|
تستّر وهي واجمة كظوم |
تعدّ لنا اللّيالي تحتصيها |
|
متى هو حائن منّا قدوم |
متى تر غفلة الواشين عنا |
|
تجد بدموعها العين السّجوم |
قال أبو عبد الله : والشعر لبقيلة الأشجعي ، وسمعت العتبي صحّف في اسمه فقال : نفيلة (٨). قال إسماعيل بن أبي حكيم فسألته حين دخلت عليه فقلت : من أنت؟
قال : أنا الوابصي (٩) الّذي أخذت فعذّبت ففزعت فدخلت في دينهم ، فقلت : إن أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز بعثني في الفداء وأنت والله أحبّ من افتديته إن لم تكن
__________________
(١) الأغاني : وأسلمه.
(٢) المنقّى طريق بين أحد والمدينة. وعلى هامش الأصل : ويروى : «من العقيق إلى ...» كلمة رسمها غير واضح. وفي الأغاني رواية أخرى :
فكم بين الأقارع فالمنقى
(٣) ريم : (بالكسر والهمز) واد لمزينة قرب المدينة ، معجم البلدان.
(٤) الجماء : جبيل من المدينة على ثلاثة أميال من ناحية العقيق إلى الجرف.
(٥) عن الأغاني وبالأصل «مما».
(٦) الناجيات النوق السريعة لأنها تنجو بمن ركبها ، والكوم : النوق الضخمة السنام.
(٧) بالأصل «خوض» والمثبت عن الأغاني ، والخوص جمع أخوص وخوصاء ، والخوص : ضيق العين وصغرها وغؤرها.
(٨) وهو ما ورد في الأغاني ٦ / ١١٤ وبهامشها عن إحدى النسخ بقيلة.
(٩) الوابصي هو الصلت بن العاصي بن وابصة بن خالد بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم وكان عمر بن عبد العزيز .. وهو أمير الحجاز ـ قد حدّه في الخمر فغضب وهرب إلى بلاد الروم وتنصر ، ومات هناك نصرانيا (الأغاني ٦ / ١١٦).