نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ )(١) .
فإنّها نزلت في صفيّة بنت حييّ بن أخطب ، وكانت زوجة رسول الله صلىاللهعليهوآله ؛ وذلك أنّ عائشة وحفصة كانتا تُؤذيانها ، وتشتمانها ، وتقولان لها : يا بنت اليهوديّة .
فشكت ذلك إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله .
فقال لها : ألا تجيبينهما ؟
فقالت : ماذا يا رسول الله ؟
قال : ـ قولي أبي هارون نبيّ الله ، وعمّي موسىٰ كليم الله ، وزوجي محمّد رسول الله ، فما تُنكران منّي ؟!
فقالت لهما ـ ذلك ـ ، فقالتا : هذا علّمك رسول الله ، فأنزل الله في ذلك : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ ... )(٢) .
فالصّلحاء والمتّقون يتركون التعييب ، ويرفعون العيب ويزيلونه بأحسن تعليم ، وأجلّ تكريم ، ولا يعيّرون الناس ، بل يرشدونهم إلى التنزّه عن العيوب ، وترك الذنوب ، ويسألون الله تعالى توفيقهم وتوبة المخطئين منهم ، كما في وصيّة سيّدنا ورئيس مذهبنا الإمام الصادق عليهالسلام لعبد الله بن جندب(٣) ، جاء فيها : ـ
( ياابن جُندب ، لا تقُل في المذنبين من أهل دعوتكم ـ أي المؤمنين ـ إلّا خيراً ، واستكينوا إلى الله في توفيقهم ، وسلوا التوبة لهم .
فكلّ من قَصَدَنا وتولانا ، ولم يوالِ عدوّنا ، وقال ما يعلم ، وسكت عمّا لا يعلم أو أشكل عليه ، فهو من الجنّة )(٤) .
__________________________________
(١) سورة الحجرات : الآية ١٠ ـ ١١ .
(٢) بحار الأنوار / ج ٧٥ / ص ١٤٤ / ب ٥٦ / ح ١٠ .
(٣) لاحظ وصيّة الجامعة المباركة في البحار / ج ٧٨ / ص ٢٧٩ .
(٤) بحار الأنوار / ج ٧٨ / ص ٢٨٠ .