[المنقري ، نا الأصمعي قال : ولّى عبد الملك بن مروان ـ يعني ـ](١) البصرة بعد قتل مصعب خالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد الأموي ثم عزله وولّى بشر بن مروان فضم البصرة إليه وكان على الكوفة فلم يمكث إلّا قليلا حتى مات فدفن إلى جنب قبر سالم بن زياد بين دار عيسى بن سليمان ودار إسحاق بن سليمان فلما مات بشر ولّى عبد الملك الحجّاج العراق.
قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف (٢) ، وأنبأنيه أبو القاسم النسيب وأبو الوحش المقرئ عنه ، قال : أخبرنا أبو القاسم عبد الرّزّاق بن أحمد بن عبد الحميد ، حدّثنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن محمد بن ورد (٣) ، حدّثنا أبو إسحاق إبراهيم بن حميد البصري القاضي ، حدّثني العباس بن الفرج أبو الفضل الرّيّاشي ، حدّثني الأصمعي قال : قال حمّاد بن سلمة قال علي بن زيد بن جدعان قال الحسن : قدم علينا بشر بن مروان البصرة وهو أبيض بضّ أخو خليفة وابن خليفة ، وولي على العراق فأتيت داره ، فلما نظر إليّ الحاجب قال : يا شيخ من أنت؟ قلت : الحسن البصري ، قال : فادخل إلى (٤) الأمير وإياك أن تطيل الحديث معه ، واجعل الكلام الذي يسود بينك وبينه جوابا ولا تملّنه من المجالسة فتثقل عليه قال : فدخلت وإذ بشر على سرير عليه فرش قد كاد أن يغوص فيها ، وإذا رجل متكئ على سيف قائم على رأسه فسلّمت عليه فقال : من أنت يا شيخ أعرفك؟ قلت : الحسن البصري الفقيه ، قال : أفقيه هذه المدرة؟ قال : قلت : نعم أيها الأمير ، قال : فاجلس ، ثم قال لي : ما تقول في زكاة أموالنا أندفعها إلى السلطان أم إلى الفقراء؟ قلت : أي ذلك فعلت أجزأ عنك ، قال : فتبسم ثم رفع رأسه إلى [من] كان على رأسه ، فقال : لشيء ما يسود؟ ثم جعل يديم النظر إليّ فإذا أملت طرفي إليه صرف بصره عني وإذا أطرقت أبد فيّ نظره ، قال : ثم قلت : فاستأذنت في الانصراف فقال لي : مصاحبا محفوظا. قال : ثم عدت بالعشي وإذا هو قد انحدر من سريره إلى صحن مجلسه ، وإذا الأطباء حواليه وإذا هو يتململ تململ التسليم (٥) فقلت : ما للأمير؟ قالوا : محموم ثم عدت من غد ، وإذا
__________________
(١) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن م.
(٢) انظر ترجمته في معرفة القراء الكبار ١ / ٣٤٢.
(٣) انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٦ / ٣٩ وبالأصل «جعفر» كررت مرتين.
(٤) سقطت من الأصل واستدركت على هامشه.
(٥) في المطبوعة : السليم.