قال : فلك واحدة ، فما تريدين؟ قالت : ادع الله أن يجعلني أجمل امرأة من بني إسرائيل ؛ فدعا لها فجعلت أجمل امرأة من بني إسرائيل ، فلما علمت أن ليس فيهم مثلها رغبت عنه وأرادت شيئا آخر ، فدعا الله عليها أن يجعلها كلبة نباحة ، فصارت كلبة نباحة فذهبت فيها دعوتان ؛ فجاء بنوها فقالوا : أليس بنا على هذا قرار وقد صارت أمّنا كلبة نباحة يعيّرنا الناس بها فادع الله أن يردّها إلى الحالة التي كانت عليها ، فدعا الله فعادت كما كانت. فذهبت الدعوات الثلاث ، وهي البسوس.
أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد الله بن كادش ـ فيما قرئ علي إسناده وقال : اروه عني ، وناولني إياه ـ أنبأنا أبو علي محمد بن الحسين الجازري ، أخبرنا أبو الفرج المعافى بن زكريا (١) ، حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي ، حدثنا أبو إسماعيل الترمذي ، حدثنا عبد الله بن الزبير الحميدي ، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن أبي سعد (٢) ، عن عكرمة ، عن ابن عباس في قوله : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها) قال : هو رجل كان في بني إسرائيل أعطي ثلاث دعوات يستجاب له فيهن ما يدعو به ، وكانت له امرأة له منها ولد وكانت سمجة دميمة. قالت : ادع الله أن يجعلني أجمل امرأة في بني إسرائيل ، فدعا الله لها ، فلما علمت أن ليس في بني إسرائيل مثلها رغبت عن زوجها وأرادت غيره ، فلما رغبت عنه دعا الله أن يجعلها كلبة نباحة ، فذهبت منه فيها دعوتان ؛ فجاء بنوها وقالوا : ليس بنا على هذا صبر ، أن صارت أمّنا كلبة نباحة يعيّرنا الناس بها ، فادع الله أن يردّها إلى الحال التي كانت عليها أولا ، فدعا الله فعادت كما كانت. فذهبت فيها الدعوات الثلاث ، فسمّيت البسوس ، فقيل : أشأم من البسوس.
قال أبو الفرج : المشهور عند أهل السير والأخبار أن البسوس التي يقال من أجلها [أشأم](٣) من البسوس» الناقة التي جرى فيما جرى من أمرها حرب داحس والغبراء (٤) ،
__________________
(١) الجليس الصالح الكافي ١ / ٢٠٢ ط بيروت.
(٢) الجليس الصالح : أبي سعيد.
(٣) سقطت من الأصل واستدركت عن الجليس الصالح.
(٤) كذا بالأصل والجليس الصالح وكتب محققه بهامشه : هذا سهو من المؤلف ، فهو يخلط هنا بين حربين شهيرتين من حروب العرب ، الأولى حرب البسوس وكانت بين بكر وتغلب بسبب عقر ناقة كليب لناقة البسوس وقتل جساس بن مرة له ، والثانية حرب داحس والغبراء وكانت بين عبس وذبيان وفزارة بسبب هذين الفرسين. انظر مجمع الأمثال ٢ / ١١٠ ـ ١١٨.