والمعروف من قول جمهور أهل التأويل قوله : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها) يعني به بلعم بن باعورا الذي دعا للجبارين على موسى وبني إسرائيل. وقال بعضهم : نزلت في أمية بن أبي الصلت.
ولكلّ واحد من هذين اللّذين سميناهما حديث يطول وقد جاء في الخبر أن الذي وصفنا ما حكينا والله أعلم.
وفي هذا الخبر قال : وكانت سمجة بكسر الميم مثل نصرة (١). وحكى سيبويه عن العرب : رجل سمج بتسكين الميم مثل سمح وقالوا : وقال : سميج (٢) كقبيح ، قال : ولم يقولوا سمج (٣) وإن كانت العامة قد أولعت به.
وقول الراوي في هذا الخبر : تعيرنا الناس بها ، الفصيح من كلام العرب عيرت فلانا كذا وأما عيّرته بكذا فلغة [مقصرة](٤) عن الأولى في الاشتهار والفصاحة وإن كانت هي الجارية على ألسنة العامة ، ومن اللغة الأولى قول النابغة :
وعيّرتني بنو ذبيان رهبته |
|
وهل عليّ بأن أخشاك من عار (٥) |
وقال المتلمس (٦) :
تعيّرني أمي رجال ولا أرى |
|
أخا كرم إلّا بأن يتكرّما |
وقال المقنّع الكندي في اللغة الأخرى (٧) :
يعيّرني قومي بالدين وإنما |
|
تديّنت في أشياء تكسبهم مجدا |
قرأت بخط عبد الوهاب بن عيسى بن عبد الرّحمن بن ماهان ، أخبرنا الحسن بن رشيق ، أخبرنا أبو القاسم الحسن بن آدم بن عبد الله العسقلاني ، حدّثني عبيد بن محمد
__________________
(١) في الجليس الصالح : بطرّة.
(٢) في الجليس الصالح : «سميح ... سمح».
(٣) في الجليس الصالح : «سميح ... سمح».
(٤) زيادة عن الجليس الصالح.
(٥) ديوانه ص ٨٣ واللسان «عير».
(٦) ديوانه ص ١٤ مطلع قصيدة ، واللسان كرم منسوبا للمتلمس وصدره فيه : تكرم لتعتاد الجميل ولا ترى.
(٧) البيتان في أمالي القالي ١ / ٢٨٠ والأغاني ١٧ / ١٠٧ وفي اللسان (دين) ولم ينسهب والرواية : يعيرني بالدين قومي. وفي اللسان : حمدا بدل مجدا.