وكان الرأس يقول لها : إليّ ، إليّ ، هلمّي ، فأنا لك بالانتظار ، ففارقت السيّدة رقيّة عليها السلام الدنيا على هذه الحالة.
سأبكي لبنت السبط فاطم قد غدت |
|
قريحة جفن وهي تبكيه معولا |
تحنّ فيشجي كلّ قلب حنينها |
|
وتصدع من صمّ الصياخيد جندلا |
تقول أبي أبكيك يا خير من مشى |
|
ومن ركب الطرف الجواد المحجّلا |
أبي كنت للدين الحنيفي موضّحاً |
|
ومذ ثكلتك البيض أصبح مثكلا |
أبي يا ثمال الأرملات وكهفها |
|
إذا عاينت خطباً من الدهر معضلا |
أبي يا ربيع المجد بين ومن به |
|
يغاث من السقيا إذا الناس أمحلا |
أبي يا غياث المستغيثين والذي |
|
غداً لهم كنزاً وذخراً وموئلا |
أبي إن سلا المشتاق أو وجد العزى |
|
فإنّ فؤادي بعدك ما سلا |
سأبيك تبكيك المحارب شجوها |
|
وقد فقدت مفروضها والتنفّلا |
سأبكيك تبكيك العقائد والنهى |
|
سأبكيك تبكيك المحارم والعلا |
سأبكيك تبكيك المناجاة في الدجى |
|
سأبكيك يبكيك الكتاب مرتّلا |
سأبكيك إذ تبكي عليه سكينة |
|
ومدمعها كالغيث جاد وأسبلا |
ونادت رباب أُمّتاه فأقبلت |
|
وقد كضّها فقد الحسين وأثكلا |
وقالت لها يا أُمّنا ما لوالدي |
|
مضى مزمعاً عنّا الرحيل إلى البلا |
أُنادي به يا والدي وهو لم يجب |
|
وقد كان طلقاً ضاحكاً متهلّلا |
أظنّ أبي قد حال عمّا عهدته |
|
وإلّا فقد أمسى بنا متبدّلا |
ألا أبتا قد شقّت البين شملنا |
|
وجرعنا في الكأس صبراً وحنظلا |
ونادى المنادي بالرحيل فقرّبوا |
|
من الهاشميات الفواطم نزلا |
وصار بها الحادي يغنّي مغرّداً |
|
سل الدار عمّن قد نأى وترحّلا |
تسير ورأس السبط يسري أمامها |
|
كبدر الدجى وافى السعود فأكملا |
فلهفي لها عن كربلا قد ترحّلت |
|
مخلّفة أزكى الأنام وأنبلا |