منطلق إليها : ايران ، الروم ، الحبشة ، مصر ، اليمامة ، البحرين ، والحيرة (١).
ووقتها كان قيصر ملك الروم الشرقية قد عاهد الله تعالى أنّه إذا نصره في صراعه المرير مع ايران فإنّه يقصد زيارة بيت المقدس مشياً على الأقدام من مقرّ حكومته في القسطنطينية إلى فلسطين ، وفعلاً قام بتحقيق عهده عندما نال الظفر والانتصار ، فقصد بيت المقدس. وكان الشخص المؤهّل لحمل رسالة رسول الله صلى الله عليه واله إلى قيصر الروم هو دحية الكلبي وذلك لعدّة اعتبارات توفّرت فيه منها :
أ ـ لأنّه كان قد سافر إلى عدّة مناطق من الشام سابقاً فهو عارف بها.
ب ـ كونه صاحب طلعة بهيّة ووجه جميل وسيرة حسنة تؤهّله للقاء قيصر الروم. وقبل أن ينطق دحية الكلبي إلى القسطنطينية عرف أنّ قيصر الروم عزم إلى بيت المقدس وكان ـ دحية ـ حينها في بُصرى (٢) وهي إحدى نواحي الشام ، فالتقى دحية مع والي بُصرى الحارث بن أبي شمر وأخبره بمهمّته ثمّ دفع إليه رسالة النبي صلى الله عليه واله ، لأنّ الواقدي (٣) روى أنّ النبي صلى الله عليه واله كان قد أمر دحية بدفع الرسالة إلى والي بُصرى والأخير يرفعها إلى قيصر الروم.
ويحتمل أنّ النبي صلى الله عليه واله أمره بذلك لأنّه كان يعلم أنّ قيصراً قد غادر قسطنطينية ، أو لأنّ الدحية لا يمكنه الوصول إليها وعلى كلّ حال فقد أمر الحارث أحد الرجال وهو عدي بن حاتم أن ينطلق مع دحية إلى بيت المقدس ليقدّمه إلى قيصر.
وفعلاً فقد وصل دحية بركب الامبراطور في مدينة حمص ولكن قبل اللقاء به أو عز إليه حاشية السلطان بأن يسجد أمامه معبّراً عن التعظيم والاحترام وإلّا فإنّ
__________________
(١) راجع البحار ج ٢٠ ص ٣٨٢ ح ٨ / المترجم.
(٢) بُصرى : مركز حوران وهي إحدى المستعمرات الرومانية وكان الحارث بن أبي شمر وغيره من ملوك الغساسنة يُنصبون من قبل قيصر وهم يمثّلونه في هذه المناطق.
(٣) الطبقات الكبرى ج ١ ص ٢٥٩.