ولكن مع ذلك فقد حاصره المسلمون الذين جاءهم خبر موت أبي بكر في (٢٢ جمادى الثانية عام ١٣ ه) ذلك الوقت ، فعيّن عمر بن الخطّاب مكانه واستمرّت المواجهة حتّى سقطت دمشق في رجب من عام ١٤ ه على يد المسلمين الذين قادهم خالد بن الوليد حينها وأبو عبيدة فقد طال على صاحب دمشق الأمر ـ أي الحصار ـ فأرسل إلى أبي عبيدة فصالحه وفتح له باب الجابية وألحّ خالد على باب الشرقي لمّا بلغه أنّ أبا عبيدة عزم على أن يصالح القوم ففتحه عنوة وروي أنّ خالد بن الوليد صالحهم أيضاً فأجاز أبو عبيدة ذلك (١).
يقول المؤرخ اليعقوبي في هذا الصدد : تُعدّ مدينة دمشق من المدن الجميلة والقديمة وكانت مركزاً لجميع مدن الشام في الجاهلية والإسلام وفيها عمران وأنهار وأعظمها نهر «بردا» الذي يمكن القول عنه أنّه لا نظير له ، وقد فتحت هذه المدينة في خلافة عمر بن الخطّاب عام ١٤ ه بعد أن حاصرها أبو عبيدة بن الجرّاح عاماً كاملاً ، ثمّ صالح أهلها من طرف باب الجابية ودخلها فاتحاً بينما قاتلهم خالد بن الوليد من الباب الشرقي ودخلها بدون صلح ، وكتب أبو عبيدة بذلك إلى عمر وأنقذه (٢).
ومن عوامل انتصار الإسلام هو أنّ أهالي تلك المناطق رغبوا في الإٍسلام قبل كلّ شيء لأنّهم كانوا على علم بتقاليد العرب والمسلمين وآدابهم وأطباعهم وتواضع جيش الإسلام ، وانعدام الضرائب الثقيلة في الاسلام التي أرهقتهم بها الحكومات السابقة ، ومللهم من الآراء المختلفة بين المسيحيين حول الدين المسيحي وتعدّد المدارس الفكرية التي لا طائل منها سوى الاختلاف والضجر والملل من الحكومة الرومانية والدين
__________________
(١) فتوح البلدان ، لأبي الحسن البلاذري ص ١٢٨ ـ ١٣٠ لقد كان خالد بن الوليد في العراق والكن لمّا وصلت الأخبار لأبي بكر بكثرة جيوش الروم بعث خلف خالد وألزمه مهمّة فتح دمشق انظر المصدر أعلاه ص ١١٧.
(٢) البلدان لأحمد بن أبي اليعقوبي (فارسي) ص ١٠٥.