في «وفيّات الأعيان» وغيرهم قصّة تكشف لنا سبب عداوة النواصب للإمام علي عليه السلام وهي : يقول أبو دلف عيسى بن أبي دلف أنّ أخاه دلف ـ وبه كان يكنّى أبوه أبا دلف ـ كان ينتقض علي بن أبي طالب ، ويضع منه ومن شيعته ، وينسبهم إلى الجهل وأنّه قال يوماً وهو في مجلس أبيه ولم يكن أبوه حاضراً : إنّهم يزعمون أن لا ينتقص علياً أحد إلّا كان لغير رشدة ، وأنتم تعلمون غير الأمير ، يعني أباه ، وأنّه لا يتهيّأ الطعن على أحد من حرمه وأنا أبغض علياً ، قال : فما كان بأوشك من أن خرج أبو دلف ، فلمّا رأيناه قمنا له ، فقال : سمعت ما قاله دلف ، والحديث لا يكذب ، والخبر الوارد في هذا المعنى لا يختلف ، هو والله لزَنيْةٍ وحيضة ، وذلك أنّي كنت علياً فبعثت إليّ أُختي جارية لها ، كنت بها معجباً ، فلم أتمالك أن وقعت عليها وكانت حائضاً فعلقت به ، فلمّا ظهر حملها وهبتها لي (١).
«وأي عبرة لأُولى الأبصار أعظم من كون ضريح الإمام الحسين عليه السلام حرماً معظّماً ويبقى قبر يزيد بن معاوية مزبلة» وحقّاً أنّها لعبرة لمن كان له قلب حفيظ ، فها هو قبر الإمام الحسين عليه السلام تعلوه القبّة الذهبية العملاقة مزهياً بالجلالة والعظمة ، وذاك قبر يزيد الطاغية مزبلة لم يبق منه شيء يذكر.
فقد جاء في كتاب «أخبار الدول» : أنّ يزيد مرض في شهر ربيع الأوّل عام ٦٤ ه بذات الجنب في حوران ثمّ هلك فيها ، فحملوا جنازته إلى دمشق ودفنوه عند الباب الصغير ، وقبره اليوم مزبلة وهلك عن سنّ ٣٧ عاماً وكانت زعامته ثلاث سنين وتسعة أشهر (٢).
وبالرغم أنّ الإمام الحسين عليه السلام استشهد وجميع أولاده طلباً لمرضاة الله ولم يبق له من الذرّية إلّا علي بن الحسين عليه السلام الذي كان مريضاً آنذاك ، إلّا أنّ الله جعل ذرّية الإمام
__________________
(١) مروج الذهب ج ٣ ص ٤٧٥.
(٢) تتمّة المنتهى ص ٦٣ ط العربية.