فشل في القاء الأمر كلّه على ابن زياد ظنّاً منه أنّ الحقائق لا تظهر بعد حين ، فها هو التاريخ اليوم يشهد أنّ يزيد قتل الإمام الحسين عليه السلام.
بالرغم من كلّ هذه الأُمور الدالّة على كفر يزيد الطاغية إلّا أنّ الغزالي يصرّح في كتابه «إحياء العلوم» بعدم جواز لعنه ، بل إنّه منع من لعن قتلة سيّد الشهداء عليه السلام قاطبة ولو كان اللعن مجملاً كقولك (لعنة الله على قاتل الحسين) فحتّى مثل هذا يعدّه ممنوعاً شرعاً ، وحجّته في ذلك أنّ من الممكن توبة قاتل الحسين مع أنّ خباثة يزيد لم تنقطع يوماً عنه فقد استمرّ اللعين في إجرامه إلى أواخر أيّامه كإباحة المدينة ورجم الكعبة وما إلى ذلك ، وقد شبّه الغزالي يزيد بوحشي قاتل حمزة عليه السلام الذي تاب من عمله ، ولذلك فلا يجوز لعنه مع أنّ القتل من الذنوب الكبيرة إن لم يتب صاحبه منه فإنّه في خطر عظيم.
والحال أنّ هذا النوع من القياس غير صحيح لأنّ وحشي عندما قتل حمزة سيّد الشهداء عليه السلام كان كافراً ولمّا أسلم جُبّ عنه كلّ شيء إذ أنّ الإسلام يجب ما قبله ، ومع ذلك فإنّ النبي صلى الله عليه واله لم يطق رؤية وحشي حتّى مع إسلامه وقال له : غيّب وجهك عنّي!!
أمّا يزيد فلم يكن في الظاهر كافر بل كان يدّعي الإسلام وأنّه خليفة النبي صلى الله عليه واله على المسلمين! ومع ذلك قتل الإمام الحسين عليه السلام ، فتشبيهه بوحشي ليس بصحيح أصلاً ، بل إنّ فعل يزيد يكفي للحكم عليه بالكفر والارتداد لأنّه كان يعرف مَن هو الإمام الحسين عليه السلام ، الجدير ذكره أنّ هذا الطاغية صرّح في أشعاره وكشف عن دوافعه الخبيثة في قتل الإمام الحسين ألا وهي الانتقام من النبي صلى الله عليه واله الذي قتل آبائه وأجداده في بدر وأُحد فقد أنشد :
ليت أشياخي ببدر شهدوا ... جزع الخزرج.
وقال :
لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء ولا وحي نزل ..
ولذلك فلا معنى لتوقّف الغزالي عن لعن هذا المجرم ، الذي لعنه نفس علماء السنّة