وفي كلا الآيتين تركيز على كلمة «ابن أم» ، وفي ذلك يقول المفسرون إن هارون إنما نادى موسى بنسبته لأمه ، مع أنه كان شقيقه ، لأن ذكرها أدعى إلى العطف (١) ، ولكن الذي يلزمنا هنا هو كلام الله ـ عزوجل ـ وليس ما درج المفسرون أن يقدموا ، فإنما هو اجتهاد ، وفوق كل ذي علم عليم (٢) ، هذا فضلا عن أن «الزجاج» إنما يقول : قيل كان هارون أخا موسى لأمه ، لا لأبيه (٣) ، فإذا تذكرنا أن اليهود إنما يعتبرون أن من كانت أمه يهودية فهو منهم ، لا يعنيهم على أي دين كان أبوه ، هو يهودي صميم ، حتى وإن ظل أقلف غير مختّن (٤) ، لكان رأى الزجاج أو الياقوت إنما يستحق كثيرا من التأمل والتفكير.
وأما قصة التمر الأحمر أو الياقوت والجمر ، ودورها في هذا العيب الذي جعل موسى عييّا لا يكاد يبين حين يتكلم ، أو «بطيئا في الكلام» ، فيمكن الرد عليها في نقاط عدة ، منها (أولا) أنه يستحيل على طفل طبيعي أو غير طبيعي أن يلمس النار ، دون أن تحرق أصابعه فورا ، فما بالك وقد رفع موسى الجمر إلى فمه ، ثم أودعه إياه ، ولم يحس به إلا بعد أن لدع لسانه ، ثم ألا يكفي هذا الفعل لإقناع فرعون أن الطفل غير طبيعي ، ومنها (ثانيا) أن موسى لو كان حقا قد أمسك بالجمر وأمكنه احتمال قسوة النار ، ثم وضع الجمر على لسانه ، لفقد النطق كلية ، ومنها (ثالثا) هل عدم فرعون ـ وهو ملك أعظم وأرقى دولة متحضرة في تلك العصور ـ وسيلة يستكشف بها حقيقة
__________________
ـ كان حقها أعظم لمعاناتها الشديدة في حملن وتربيته والشفقة عليه فذكره بحقها.
(١) تفسير الطبري ٣ / ١٣١ ، معاني القرآن للفراء ١ / ٣٩٤ ، تفسير القرطبي ص ٢٧٢٦ ، تفسير ابن كثير ٣ / ٤٧٤ ، تفسير المنار ٩ / ١٨٠ ، تفسير النسفي ٣ / ٦٣.
(٢) حسين ذو الفقار صبري : توراة اليهود ، المجلة ، العدد ١٥٧. يناير ١٩٧٠ ص ١٩ ـ ٢٠.
(٣) تفسير القرطبي ص ٢٧٢٦ (دار الشعب ـ القاهرة ١٩٧٠) ، تفسير البيضاوي ٤ / ٢٩.
(٤) ١٦٨.p ، ١٩٧٠ ..Rabbi Dr.I.Epstein ,Judaism (Penguin Books).