الفصل الثّالث
سليمان وملكة سبأ
جاءت قصة سليمان عليهالسلام مع ملكة سبأ في التوراة (١) والإنجيل (٢) والقرآن العظيم (٣) ، وإن اختلفت الكتب الثلاثة في سردها للقصة تبعا للهدف من القصة لكل منها ، غير أنها جميعا لم تذكر اسم ملكة سبأ ، أو الأرض التي كانت تقيم فيها ، إلا إذا كان المراد بكلمة سبأ هنا ، تلك الدولة التي قامت في الركن الجنوبي الغربي من شبه الجزيرة العربية (٤). ومن عجب أن يذهب بعض النقاد ممن تعرضوا لقصص التوراة بالنقد ، إلى أن قصة زيارة ملكة سبأ لسليمان عليهالسلام ، إنما هي أسطورة من الأساطير دونها كتبة التوراة لبيان عظمة سليمان وحكمته (٥) ، ولو تريث هؤلاء البعض من النقاد بعض الشيء ، ولما وقعوا في هذا المنزلق الخطير ، وربما خيّل لهؤلاء المتحذلقين من أدعياء التاريخ الذين يجمعون التمحيص كله في الإنكار ، أنه خبر يسهل إنكاره بغير حجة ، وكأن المنكر لا يطالب بحجة ، ولا
__________________
(١) ملوك أول ١٠ / ١ ـ ١٣ ، أخبار أيام ثان ٩ / ١ ـ ٩.
(٢) إنجيل متى ١٢ / ٤٢.
(٣) سورة النمل : آية ٢٠ ـ ٤٤.
(٤) قدم المؤلف دراسة مفصلة عن تاريخ دولة سبأ في أدوارها الأربعة (محمد بيومي مهران : دراسات في تاريخ العرب القديم ـ الرياض ١٩٧٧ ص ٢٦١ ـ ٣٦٨).
(٥) J. Hastings, A Dictionary of the Bible, Edinburg, ٨٤٣.p ، ١٩٣٦.