فأيا كان فرعون مصر هذا ، الذي تنسب التوراة إليه مصاهرة سليمان عليهالسلام ، فالذي لا شك فيه أن هذا الزواج ، فيما يرى المؤرخ اليهودي سيل روث ، قد ساعد سليمان عليهالسلام في أن يضيف إلى مملكته إقليم جازر ، وهي القلعة الكنعانية القديمة ، وواحدة من أهم المراكز التجارية في الشرق الأدنى القديم ، ومن ثم فقد اكتسب مملكة إسرائيل موطئ قدم على البحر المتوسط (١) ، وإن كنا لا نرى أبدا أن سليمان كان في حاجة إلى عون فرعون ، وقد سخر الله طائفة من الجن ومردة الشياطين يعملون له الأعمال التي يعجز عنها البشر ، كما أشرنا من قبل ، فضلا عن أن جند سليمان إنما كان مؤلفا من الإنس والجن والطير ، قال تعالى : (وَحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ) (٢).
(٣) التنظيمات العسكرية : ـ
يجمع المؤرخون أو يكادون ، على أن خليفة داود ، عليهماالسلام ، المحارب الشجاع ، إنما قد أدرك جيدا ضرورة تكوين جيش قوي للدفاع عن دولته ، فضلا عن دعوته ، وربما تجارته كذلك ، ومن ثم فإن المصادر التاريخية إنما تنسب إلى سليمان عليهالسلام استعمال «العربات الحربية» ، ولأول مرة ، في جيش إسرائيل ، ونقرأ في التوراة أن داود عليهالسلام عند ما هزم مملكة «أرام صوبة» قد استولى على مئات الخيول (٣) ، غير أن داود لم يكن يملك عربة حربية واحدة ، رغم أنه قد أدرك بنفسه أهمية هذا السلاح أثناء حروبه مع الآراميين ، هذا فضلا عن أن المصريين كانوا قد استخدموا هذا السلاح منذ مئات السنين (٤) ، وكذا فعل الكنعانيون.
__________________
(١) C.Roth ,op ـ cit ,P. ٢١.
(٢) سورة النمل : آية ١٧.
(٣) صوئيل ثان ٨ / ٣ ـ ٥.
(٤) محمد بيومي مهران : حركات التحرير في مصر القديمة ـ دار المعارف ـ الاسكندرية ١٩٧٦ ص ١٤٠ ـ ١٤٣ ، ص ١٩٧ ـ ١٩٨.