وأما عن ذكر السنوات الثلاث التي كانت تستغرقها الرحلة إلى أوفير ، فهي أولا قد وردت في المصادر التوراتية المتأخرة ، ثم هي مبالغة أيضا ، فقد يجوز أن يكون المعنى أن سليمان كان يبعث بسفنه مرة كل ثلاث سنين ، وعندئذ لا تكون الإشارة إلى زمن الرحلة ، ولكن إلى المدة الفاصلة بين كل رحلة وأخرى (١) ، هذا فضلا عن أن وجهة نظر «أولبرايت» عن الرحلة ، ربما كانت تتصل برحلة أخرى غير رحلة أوفير ، ذلك لأن «ستانلي كوك» (٢) يرى أن سليمان وحيرام قد امتلكا أسطول «ترشيش» ، والذي يمكن الحكم عليه من اسمه أنه قد ذهب إلى ترشيش في أسبانيا ، وأما أسطول الفينقيين فقد أبحر من عصيون جابر في أدوم ليحضر الذهب من أرض أوفير (في جنوب بلاد العرب) ، وهكذا يبدو أن رحلة السنوات الثلاث ربما لا تتصل بأوفير ، ولكنها تتصل بأسطول «ترشيش» (٣) إلى أسبانيا ، وإن كان ذلك سيجرنا إلى متاعب أخرى ، علما بأن هناك من يرى أن هناك علاقات تجارية بين حيرام من ناحية ، وبين قبرص وأسبانيا من ناحية أخرى (٤).
(٦) النشاط الصناعي : ـ
لم تكن عصيون جابر ميناء تجاريا فحسب ، ولكنها كانت كذلك مركزا صناعيا ، وفي الواقع فلقد كان اختيار موقعها اختيارا موفقا ، في مكان لم يسكن من قبل بين تلال أدوم من الشرق ، وتلال فلسطين من الغرب ، حيث
__________________
(١) انظر عن مصادر التوراة (محمد بيومي مهران : إسرائيل ٣ / ٩٧ ـ ١٠٦.
(٢) السيد يعقوب بكر : المرجع السابق ص ١٤٨ ـ ١٦٠.
(٣) S.A.Cook ,op ـ cit ,P. ٣٦٧.
(٤) يذهب البعض إلى أن «ترشيش» تقع في سردينيا ، ويذهب آخرون إلى أنها هي «ترتيسوس» في جنوب أسبانيا على مقربة من جبل طارق أو لعلها قرطاجة في شمال إفريقية (قاموس الكتاب المقدس ١ / ٢١٥ ـ ٢١٦ وكذاM.F.Unger ,op ـ cit ,P. ١٠٧١ ـ ١٠٧٠ وكذا.F Thieberger ,King Soloman ,London , ٢٠٦.p ، ١٩٥٧.