الصلاة ، فطلب إليه أن يصلي بها فرفض حتى لا يتبعه المسلمون إذ يرون أن عمله سنة مستحبة ، فإذا فعلوا أخرجوا النصارى من كنيستهم وخالفوا عهد الأمان ، واعتذر للسبب نفسه عن الصلاة بكنيسة قسطنطين المجاورة لكنيسة القيامة (١) ، وإنما صلى في مكان قريب عند الصخرة المقدسة ، وخطّ المسجد الذي عرف باسمه (٢).
(٩) مباني سليمان : ـ
لا ريب في أنه كان للقدس نصيب الأسد في المباني التي شيدت في عهد سليمان عليهالسلام وطبقا لما جاء في التوراة فقد شيد سليمان سور المدينة وقلعتها ، وإن كان بناء المسجد الأقصى وقصر سليمان إنما يمثلان أعظم إنجازات الملك النبي المعمارية ، وأما المسجد الأقصى فقد خصصنا له فصلا مستقلا من قبل ، وأما القصر فقد اختيرت له الهضبة الغربية ، وطبقا لرواية التوراة ، فلقد أقيم القصر على المنطقة الصخرية التي تدعى «تل
__________________
ـ بمنع اليهود من النزول بالمدينة ، معتذرا بأن القرآن الكريم قد حدد لأهل الكتاب ما لهم وما عليهم ، وليس فيه شيء يسمح بهذا ، ولكنه تعهد للنصارى بألا يدخل أحد من اليهود إلى مقدساتهم أو يسكن في حاراتهم (حسن ظاظا : المرجع السابق ص ٣٠).
(١) يقول المسعودي : أن سليمان عليهالسلام بعد أن بنى المسجد الأقصى ، بنى لنفسه بيتا في الموضع الذي يسمى في وقتنا هذا (أي وقته هو) كنيسة القيامة ، وهي الكنيسة العظمى ببيت المقدس عند النصارى (مرجع الذهب ١ / ٧٠) وهي الكنيسة التي بنتها «هيلانة» أم الامبراطور قسطنطين (٣٠٦ ـ ٣٣٧ م) في عام ٣٢٦ م ، في المكان الذي يعتقد النصارى أن جثمان المسيح عليهالسلام قد دفن فيه ، ثم رفع إلى السماء ، وهذا خطأ لأن المسيح لم يقتل ولم يصلب ، قال تعالى : (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ ، وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً ، بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً) (سورة النساء : آية ١٥٧ ـ ١٥٨).
(٢) تاريخ الطبري ٣ / ٦٠٧ ـ ٦١٣ ، الواقدي : فتوح الشام ٢ / ٢٦ ، ٢٤٤ ، ٢٦٧ ، البلاذري : فتوح البلدان ص ١٤٤ ـ ١٤٥ ، حسن ظاظا : المرجع السابق ص ٣٠ ، عبد الحميد زائد : القدس الخالدة ص ١٧٣ ـ ١٧٥ ، البداية والنهاية ٧ / ٦٠ ـ ٦٧.