إلا ثلاثمائة وثلاثة عشر ، بعدد أهل بدر ، وقد رفض بنو إسرائيل طالوت ملكا لأنه من سبط بنيامين ، والنبوة كانت عندهم في سبط لاوي ، والملكية في سبط يهوذا ، ولكن اختياره إنما كان بسبب علمه ليتمكن من معرفة أمور السياسة ، وجسامة بدنه ليعظم خطره في القلوب ، ويقدر على مقاومة الأعداء ومكابدة الحرب (١).
وأما آية ملكه أن يأتيهم التابوت فيه سكينة من ربهم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون ، قال النسفي : هي رضاض الألواح وعصا موسى وثيابه وشيء من التوراة ونعلا موسى وشمامة هارون عليهماالسلام ، تحمله الملائكة قال ابن عباس : جاءت الملائكة تحمل التابوت بين السماء والأرض حتى وضعته بين يدي طالوت والناس ينظرون ، وقال السدي : أصبح التابوت في دار طالوت فآمنوا بنبوة شمعون وأطاعوا طالوت ، وقال عبد الرزاق عن بعض أشياخه : جاءت به الملائكة تسوقه على عجلة على بقرة ، وقيل على بقرتين ، وذكر غيره أن التابوت كان بأريحا ، وكان المشركون لما أخذوه وضعوه في بيت آلهتهم تحت صنمهم الكبير ، فأصبح التابوت على رأس الصنم فأنزلوه فوضعوه تحته ، فأصبح كذلك فسمروه تحته ، فأصبح الصنم مكسور القوائم ملقى بعيدا ، فعلموا أن هذا أمر من الله
__________________
(١) تفسير البحر المحيط : ١ / ٣٧١ ـ ٣٧٢ ، ونلاحظ على هذا الرأي عدة أمور ، منها (أولا) أن جالوت هو ملك الفلسطينيين ، وليس العماليق أو الكنعانيين ، ومنها ثانيا أن بحر الروم وهو البحر الأبيض المتوسط لم يكن يسمى في تلك الفترة «بحر الروم» بل إن الروم حتى ذلك الوقت لم يكونوا قد ظهروا في العالم كقوة لها كيان يسمى باسمها البحر المتوسط ، وعلى أي حال ، فقد كان المصريون يسمون البحر المتوسط باسم «الأخضر العظيم» (وأج ـ ور : وفي الدولة الوسطى سموه «واج ور إن حاونبو» وفي الدولة الحديثة «بايم خاروه» ، ومنها ثالثا أن الكهانة ، وليس النبوة ، هي التي كانت في سبط لاوي فقط ، بل أن صموئيل النبي الذي أختار طالوت ملكا من سبط أفرايم ، كما أن الملك لم يكن بعد في يهوذا ، فالقضاة لم يكونوا جميعا من يهوذا إن أول ملك لإسرائيل كان من سبط بنيامين وهو طالوت.