دراسات تاريخيّة من القرآن الكريم [ ج ٣ ]

قائمة الکتاب

البحث

البحث في دراسات تاريخيّة من القرآن الكريم

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
إضاءة الخلفية
200%100%50%
بسم الله الرحمن الرحيم
عرض الکتاب

دراسات تاريخيّة من القرآن الكريم [ ج ٣ ]

دراسات تاريخيّة من القرآن الكريم

دراسات تاريخيّة من القرآن الكريم [ ج ٣ ]

تحمیل

شارك

التي لا تتقيد بسن ، ولا تتقيد بمألوف الناس ، لأنها تنطلق من المشيئة المطلقة التي تفعل ما تريد : (فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ) (١) ، وهكذا بشرت الملائكة زكريا عليه‌السلام بمولود ذكر ، اسمه معروف قبل مولده (يحيى) ، وفي آية أخرى : (يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا) (٢) ، وفي تعيين اسمه عليه‌السلام تأكيد لوعد الله تعالى لزكريا عليه‌السلام ، وتشريف ليحيى عليه‌السلام حيث تولى الله تعالى تسميته ، ومن المعروف عادة أن كل الناس إنما يسميهم آباؤهم وأمهاتهم بعد مولدهم ، وأما يحيى عليه‌السلام فإن الله تعالى هو الذي سمّاه قبل دخوله في الوجود ، فكان ذلك من خواصه ، فلم يكن له مثل وشبيه في هذه الخاصية (٣) ، وأما قوله تعالى : (لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا) ، فقد اختلف المفسرون فيه على وجوه ، أحدهما : وهو قول ابن عباس والحسن البصري وسعيد بن جبير وعكرمة وقتادة أنه لم يسم أحد قبله بهذا الإسم ، وثانيها : أن المراد بالسمى النظير ، كما في قوله تعالى : (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) ، أي شريكا في الإسم ، وفي تفرده بهذا الإسم ضرب من التعظيم ، ومزيد تشريف وتفخيم له عليه‌السلام وهذا ، كما قال الزمخشري ، شاهد على أن الأسماء النادرة التي لا يكاد الناس يستعملونها جديرة بالأثرة ، وإياها كانت العرب تنحي في التسمية ، لكونها أنبه وأنوه وأنزه عن النبر ، وثالثها : ما رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس ، من أن العواقر لم تلد قبله مثله ، وكما يقول ابن كثير

__________________

(١) سورة آل عمران : آية ٣٩.

(٢) سورة مريم : آية ٧.

(٣) تفسير الفخر الرازي ٢١ / ١٨٦ ، غير أننا نلاحظ أن هناك شبها لهذا ، ذلك أن إسحاق ويعقوب والمسيح عليهم‌السلام ، قد بشربهم ، وسمعوا بأسمائهم قبل مولدهم (سورة آل عمران : آية ٤٥ ، هود : آية ٧١ ، الصافات : آية ١١٢) ، بل إن التوراة تشير إلى أن إسماعيل قد بشر به وأعطى اسمه قبل أن يولد (تكوين ١٦ / ١١).