لا قبل لهم به ، فأخرجوا التابوت من بلدهم ، فوضعوه في بعض القرى ، فأصاب أهلها داء في رقابهم ، فأمرتهم جارية من سبي بني إسرائيل أن يردوه إلى بني إسرائيل حتى يخلصوا من هذا الداء ، فحملوه على بقرتين فسارتا به ، لا يقر به أحد إلا مات ، حتى اقتربتا من بلد بني إسرائيل ، فكسرتا النيرين ورجعتا ، وجاء بنو إسرائيل فأخذوه ، فقيل إنه تسلمه داود عليهالسلام وأنه لما قام إليهما حجل من فرحه بذلك ، وقيل شابان منهم فالله أعلم ، وقيل كان التابوت بقرية من قرى فلسطين يقال لها «أذدوه» (١).
(٤) حروب طالوت وظهور داود :
بدأ طالوت يعد العدة لقتال أعدائه الفلسطينيين الذين كانوا يسيطرون على البلاد ، منذ انتصارهم في معركة أفيق ، واستيلائهم على التابوت (٢) ، وتجريدهم من السلاح ، فضلا عن إقامة القلاع في أماكن مختلفة من البلاد
__________________
(١) تفسير ابن كثير : ١ / ٤٥١ (ط ١٩٨٦).
(٢) التابوت : وتطلق عليه التوراة تابوت العهد أو تابوت الشهادة أو التابوت المقدس أو تابوت إله إسرائيل أو تابوت يهوه ، وهو عبارة عن صندوق صنعه موسى بأمر ربه من خشب السنط ، طوله ذراعان ونصف وعرضه ذراع ونصف ، وارتفاعه ذراع ونصف ، ومغشى بذهب نقي من الداخل والخارج ، وعليه إكليل من ذهب وأربع حلقات ذهبية ، وله عصوان من السنط مغشيان بالذهب لحمل التابوت ، وكانت مسئولية حراسته لبني فهات من اللاويين رهط موسى ، ويذهب البعض إلى أن فكرة التابوت مستعارة من المصريين ، بينما يرى آخرون أنها مستعارة من الكنعانيين ، وعلى آية حال ، فلقد كان للتابوت مكانة ممتازة عند بني إسرائيل ، وطبقا للتقاليد الإسرائيلية فقد كانوا يحملونه معهم أثناء المعارك الحربية ، حتى عصر داود ، على الأقل ، وكان يستقبل بالتهليل والتكبير ليتحقق النصر ، ويقع الذعر في قلوب الأعداء الذين كانوا يخافون منه ويقولون «جاء الله إلى المحلة» ، وفي أوقات الهدنة كان التابوت يودع في أحد أماكن العبادة أو في خيمة ، في بيت إيل وشيلوه وبيت شمس ويعاريم وأورشليم ، وطبقا لوجهة نظر سفر التثنية ، فإن قدسية التابوت كانت في كونه يحمل ألواح الشريعة ، ومن ثم سمي «تابوت العهد أو تابوت الشريعة أو الشهادة» ، وطبقا لرواية التوراة فهو عرش يهوه ، وكان التابوت على رأس الإسرائيليين عند ما دخلوا كنعان بقيادة يوشع بن نون ، وأنهم حملوه عند ما عبروا الأردن ، فانشق تيار النهر فوق المياه المنحدرة ، وعبر الشعب ـ