الفصل الأول
مريم ام المسيح عليهماالسلام
تذهب الروايات إلى أن «حنة» امرأة عمران ، وأم مريم البتول كانت قد أمسك عنها الولد حتى أسنت ، وكانوا أهل بيت من الله ، جل ثناؤه ، بمكان ، فبينما هي في ظل شجرة نظرت إلى طائر يطعم فرخا له ، فتحركت نفسها للولد ، فدعت الله أن يهب لها ولدا ، فحملت مريم ، وهلك عمران أثناء الحمل ، فلما عرفت أن في بطنها جنينا ، جعلته لله نذيرة ، والنذيرة أن تعبّده لله فتجعله حبسا في الكنيسة ، لا ينتفع به بشيء من أمور الدنيا (١) ، وإلى هذا يشير القرآن الكريم في قوله تعالى : (إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (٢) ، وكانت حنى تظن أن ما في بطنها ذكرا ، ذلك لأن الذكر (٣) أقوى على الخدمة
__________________
(١) تفسير الطبري ٣ / ٢٣٥ ، وانظر : تفسير أبي السعود ١ / ٢٣٠ ، تفسير النسفي ١ / ١٥٥ ، روح المعاني ٣ / ١٣٣.
(٢) سورة آل عمران : آية ٣٥.
(٣) كانت المرأة اليهودية المقلات تنذر لربها ، إن رزقت أطفالا وعاشوا ، فإنها تهب أكبرهم للإله (يهوه) ، ومن ثم يصبح هذا الطفل خادما للكهنة وحارسا للمعبد ، وربما يصبح كاهنا ، كما يمكن افتداء الطفل بدفع مبلغ من المال للمعبد (لاويون ٢٧ / ١ ـ ٨) ، وطبقا لرواية التوراة في سفري الخروج وصموئيل أول ، فقد جندت بعض النساء للخدمة ، عند باب خيمة الاجتماع ، غير أن هذين النصين إنما هما تعديل لا حق ، كما أنهما ليسا واضحين ، وإن كانت روايتهما عن خدم المعبد والأشخاص المتدينين الذين يعيشون بداخله ، أو النساء المتدينات