الفصل الرّابع
دعوى تأليه المسيح وصلبه
ليس هناك من ريب في أن الخلاف الأساسي والأصيل بين المسلمين والمسيحيين حول السيد المسيح عليهالسلام ، إنما يدور حول دعوى النصارى بألوهية المسيح وصلبه.
(١) دعوى التأليه : ـ
يعرض القرآن الكريم أكثر من مرة لعبودية المسيح لله تعالى ، وأنه عبد الله ورسوله ، وكفاه فخرا بهذه العبودية لله تعالى ، كما اعتبر القرآن من ألهوا المسيح كفارا ، ومن ثم فإنه يؤكد كثيرا أن عيسى بن مريم بشر ، وأنه رسول من الله ، مؤيد بكتاب إلهي ، وبوحي سماوي ، وأنه نادى بعقيدة التوحيد ، فدعا إلى عبادة الله الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد ، ويذهب صاحب الظلال (١) إلى أن عقيدة التوحيد عاشت بعد المسيح عليهالسلام في تلامذته وفي أتباعهم ، وأحد الأناجيل الكثيرة التي كتبت ، وهو إنجيل «برنابا» يتحدث عن عيسى عليهالسلام بوصفه رسولا من عند الله ، ثم وقعت بينهم الاختلافات ، فمن قائل : إن المسيح رسول من عند الله كسائر الرسل ، ومن قائل : إنه رسول نعم ، ولكن له بالله صلة خاصة ، ومن قائل : إنه ابن الله لأنه خلق من غير أب ، ولكنه على هذا
__________________
(١) في ظلال القرآن ٢ / ٨٦٤ ـ ٨٦٥.