الأنعام : (وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ ...) إلى قوله (وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى) ، ومعلوم أن عيسى عليهالسلام إنما انتسب إلى إبراهيم عليهالسلام بالأم ، لا بالأب ، فثبت أن ابن البنت قد يسمى ولدا ، وكذا ما روى أنه صلىاللهعليهوسلم لما خرج في المرط الأسود ، فجاء الحسن رضياللهعنه ، فأدخله ، ثم جاء الحسين رضياللهعنه ، فأدخله ، ثم فاطمة ثم علي رضياللهعنهما ، ثم قال : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) ، واعلم أن هذه الرواية كالمتفق على صحتها بين أهل التفسير والحديث (١).
هذا وقد استدل الشيعة بقصة المباهلة هذه على أولوية الإمام علي كرم الله وجهه بالخلافة ، بعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم بناء على رواية مجىء علي كرم الله تعالى وجهه ، مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ووجه أن المراد حينئذ بأبنائنا الحسن والحسين وبنسائنا فاطمة ، وبأنفسنا الأمير ، وإذا صار نفس الرسول ، وظاهران المعنى الحقيقي مستحيل ، تعني أن يكون المراد المساواة ، ومن كان مساويا للنبي صلىاللهعليهوسلم فهو أفضل وأولى بالتصرف من غيره ، ولا معنى للخلافة إلا ذلك (٢) ، وهكذا كان سائر الشيعة قديما وحديثا يستدلون بهذه الآية (آل عمران آية ٦١) على أن عليا رضياللهعنه ، مثل نفس محمد صلىاللهعليهوسلم ، إلا فيما خصه الله بالنبوة ، وكان نفس محمد صلىاللهعليهوسلم أفضل من الصحابة رضوان الله عليهم ، فوجب أن يكون نفس علي أفضل أيضا من سائر الصحابة (٣).
(٢) دعوى الصلب : ـ
تمثل عقيدة الصلب عند النصارى (٤) موضوع الخلاف الثاني بينهم
__________________
(١) تفسير الفخر الرازي ٨ / ٨٠.
(٢) تفسير روح المعاني ٣ / ١٨٩.
(٣) تفسير الفخر الرازي ٨ / ٨١.
(٤) أنظر القصة بالتفصيل (إنجيل متى ٢٦ / ١ ـ ٢٨ / ٢٠ ، إنجيل مرقس ١٤ / ١ ـ ١٦ / ٢٠ ، إنجيل لوقا ٢٢ / ١ ـ ٢٤ / ٥٣ ، إنجيل يوحنا ١٨ / ١ ـ ٢١ / ٢٥).