حاتم عن جويرية بن بشير ، قال : سمعت رجلا قال للحسن يا أبا سعيد ، قول الله تعالى : (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) ، قال : قبل موت عيسى ، إن الله رفع إليه عيسى ، وهو باعثه قبل يوم القيامة مقاما يؤمن به البر والفاجر ، وكذا قال قتادة ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وغير واحد (١).
ويقول الإمام الطبري في التفسير : أن أولى الأقوال بالصحة قول من قال إنه لا يبقى أحد من أهل الكتاب بعد نزول عيسى عليهالسلام ، إلا آمن به (أي عيسى) قبل موت عيسى عليهالسلام ، ولا شك أن الذي قاله ابن جرير ، فيما يرى ابن كثير ، هو الصحيح ، لأن المقصود من سياق الآية في تقرير بطلان ما ادعته اليهود من قتل عيسى وصلبه ، وتسليم من سلم لهم من النصارى الجهلة ذلك ، فأخبر الله تعالى أنه لم يكن الأمر كذلك ، وإنما شبّه لهم ، فقتلوا الشبه وهم لا يتبينون ذلك ، ثم إنه رفعه إليه ، وإنه باق حي ، وإنه سينزل قبل يوم القيامة ، كما دلت عليه الأحاديث المتواترة ، فيقتل مسيح الظلالة ويكسر الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويضع الجزية ، يعني لا يقبلها من أحد من أهل الأديان ، بل لا يقبل إلا الإسلام أو السيف ، فأخبرت هذه الآية الكريمة أنه يؤمن به جميع أهل الكتاب حينئذ ، ولا يتخلف عن التصديق به واحد منهم ، ولهذا قال تعالى : (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) أي قبل موت عيسى عليهالسلام ، الذي زعم اليهود ومن وافقهم من النصارى أنه قتل وصلب (٢).
وأما الأحاديث الشريفة المتواترة (٣) بذلك ، فمنها ما أخرجه البخاري في صحيحه عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا ،
__________________
(١) تفسير ابن كثير ١ / ٨٧٧.
(٢) تفسير الطبري ٦ / ٢١ ، تفسير ابن كثير ١ / ٨٧٨.
(٣) أنظر : تفسير ابن كثير ١ / ٨٧٩ ـ ٨٨٩ (بيروت ١٩٨٦).