٢ ـ اختيار داود ملكا على يهوذا :
سرت الأنباء من كل أرجاء البلاد ، كما تسري النار في الهشيم ، بأن طالوت قد مات ، وأن أولاده الثلاثة (يوناثان وأبيناداب وملكيشوع) لقوا نفس المصير ، وأن الإسرائيليين قد هزموا شر هزيمة في معركة جبل جلبوع (حوالي عام ١٠٠٠ ق. م) وأن البلاد قد عادت مرة أخرى تحت النيّر الفلسطيني (١) ، وقد أدى ذلك إلى قيام صراع مرير بين القبائل الإسرائيلية على السلطة ، خاصة وأن صموئيل النبي كان قد مسح داود أثناء حياته خليفة لطالوت ، وإن لم يناد به ملكا على إسرائيل ، وفي نفس الوقت كان «إيشبعل» بن شاؤل (طالوت) قد اعتبر نفسه الخليفة الشرعي لأبيه بعد وفاته ، فضلا عن وفاة إخوته الكبار ، وكان يسانده في ذلك «أبنير» قائد جيش أبيه ، وأحد أمراء بيته ، ومن ثم فقد نودي به ملكا في «محانيم» (شمالي عجلون بميلين) عاصمة منطقة أفرايم في أرض جلعاد ، جنوب يبوق ، حيث ذكرى أعمال أبيه شاؤل الجرئية منذ سنوات مضت ما تزال باقية هناك ، وعلى أية حال ، فقد شملت ملكية إيشبعل مناطق غير محددة لقبائل الجبال في شرق الأردن وفي الجليل والسامرة ، وقد أطلق إيشبعل على نفسه ، كما فعل أبوه من قبل ، لقب ، «ملك إسرائيل» وأدعى أنه يحكم كل القبائل الإسرائيلية ، ولكن بما أن القبائل الجنوبية قد انفصلت (تحت حكم داود) عن القبائل الأخرى ، فإن التصور السياسي لإسرائيل تحت حكم «إيشبعل» إنما كان يشمل فقط الجزء الأكبر من القبائل فحسب (٢).
وفي نفس الوقت كانت يهوذا قد مسحت داود ملكا على بيت يهوذا في
__________________
(١) H. R. Hall. The Ancient History of the Near East. ٣٥٩.p ، ١٩٦٣ ، CAH.III. ٤٢٦.p ، ١٩٦٥. M. Noth. op ـ cit. p. ١٨٠ ـ ١٧٧. وكذا
(٢) M.Noth.op ـ cit.p. ١٨٤ ـ ١٨١.