الوحيدة التي لم يقدر لداود أن يخضعها ، ولعل السبب في ذلك فيما يرى بعض الباحثين ، أن مصر ، رغم أنها كانت تمر بفترة ضعف في تلك الآونة ، قد أعطت الفلسطينيين من تأييدها ، ما يمنع داود من ضمهم إلى نفوذه ، بل إن السهل الساحلي الفلسطيني لم يصبح أبدا جزءا من الأملاك الإسرائيلية ، هذا فضلا عن أن الفلسطينيين سرعان ما يظهرون مرة أخرى كجماعة مستقلة في القرن الثامن والسابع قبل الميلاد (١).
٥ ـ داود ومؤاب وعمون وآرام وأدوم :
كانت مؤاب أول قوة ، من أعداء إسرائيل القدامى ، هوجمت وهزمت وأصبحت ولاية تابعة لداود عليهالسلام ، وطبقا لرواية التوراة ، فلقد «أصبح المؤابيون عبيدا لداود يقدمون هدايا» ، وإن استمر النظام الملكي فيها قائما كما كان من قبل ، مع الاعتراف بالتبعية لداود عليهالسلام (٢).
وكانت عمون هي القوة التالية التي ضربها داود ، ولعل السبب المباشر للصدام بين داود وبنحمون إنما هو إساءة العمونيين لرسل داود الذين كانوا في مهمة ودية بمناسبة تغيير السلطة في عمون ، حيث قام «حانون» ملك عمون الجديد «فأخذ عبيد داود وحلق أنصاف لحاهم وقص ثيابهم من الوسط إلى أستاههم ، ثم أطلقهم» (٣) ، ومن ثم فقد أدرك العمونيون ، بعد فعلتهم هذه ، أن الحرب مع بني إسرائيل أصبحت أمرا لا مفر منه ، ومن هنا فقد بدءوا يطلبون معونة جيرانهم الآراميين في «أرام بيت رحوب» وأرام «صوبة» وفي معكة وطوب (٤) ، وأتى هؤلاء بحشد كامل من الرجال والمعدات لمساعدة
__________________
(١) صموئيل ثان ٥ / ١٧ ـ ٢٥ وكذاK.M.Kenyon ,Op ـ cit ,p. ٢٤٤. وكذاM.Noth ,Op ـ cit ,p. ١٩٤
(٢) صموئيل ثان ٨ / ٢ ، وكذاM.Noth ,Op ـ cit ,p. ١٩٤. وكذاH.R.Hall ,Op ـ cit ,p. ٤٣٠
(٣) صموئيل ثان ١٠ / ١ ـ ٥.
(٤) انظر عن هذه الولايات الآرامية في شرق الأردن (محمد بيومي مهران : إسرائيل ٢ / ٥٣٩ ـ ٥٤٢).