سرعان ما يختفي لسبب لا ندريه على وجه اليقين ، ومن ثم فقد أصبح أبشالوم الابن الثالث لداود وليا للعهد ، ولكنه بدوره سرعان ما يختفي في ثورة دامية ، كما سنرى ، ومن ثم تصبح ولاية العهد من حق الابن الرابع «أدونيا» ، ولكنه لم يصل إلى العرش أبدا ، حيث سيكون ذلك من نصيب سليمان ، الابن العاشر كما سنشير إلى ذلك بالتفصيل فيما بعد.
٨ ـ ثورة أبشالوم :
بدأ أبشالوم يعدّ العدة لاعتلاء عرش أبيه ، وكان أول ما فعله أن حصل ـ بمساعدة يؤاب ـ على عفو أبيه المطلق عن جريمته بقتل أخيه أمنون ، ومن ثم فقد عاد أبشالوم من جشور إلى أورشليم ، وبدأ يبث الدعوة لنفسه بين المقربين إليه ، ثم سرعان ما نجح في اكتساب عطف وتأييد القبائل الإسرائيلية وخاصة يهوذا قبيلة أبيه ، وحين استوثق من النجاح ذهب إلى حبرون بإذن من أبيه ، بحجة الوفاء بنذر كان قد نذره إبان إقامته في «جشور» ، وهناك في حبرون أعلن عصيانه ونادى بنفسه ملكا على إسرائيل ، ومن أسف أن القوم سرعان ما انضموا إليه ضد داود ، بل إن ثورة أبشالوم سرعان ما ضمت إليها «أخيتوفل» وهو واحد من مستشاري داود المقربين (١).
وتعلل بعض المصادر الإسلامية سرعة استجابة اليهود لأبشالوم ، بأن قصة امرأة أوريا الحثي كانت سببا في إزالة طاعة داود عن بني إسرائيل واستخفوا بأمره ووثب عليه ابن يقال له «إيشا» وأمه ابنة طالوت ، فدعى إلى نفسه ، فكثر أتباعه من أهل الزيغ من بني إسرائيل ، فلما تاب الله على داود اجتمع إليه طائفة من الناس ، فحارب ابنه حتى هزمه ، ووجه إليه بعض قواده
__________________
(١) صموئيل ثان ١٣ / ٢٩ ، ١٤ / ١ ـ ٣ ، ١٥ / ٧ ـ ١٠ ، ماير : حياة داود ص ٣٦٢ (مترجم) ، وانظر : تاريخ اليعقوبي ١ / ٥٣.