وكان القتال هناك منتشرا على وجه كل الأرض ، وزاد الذين أكلهم الوعر من الشعب على الذين أكلهم السيف في ذلك اليوم» ، وقتل أبشالوم أثناء هروبه ، على الرغم من أوامر الملك الصريحة على ملأ من الشعب بعدم قتله ، وكما يقول الطبري : وجه داود في طلبه قائدا من قواده (يؤاب) وتقدم إليه أن يتوقى حتفه ، ويتطلف لأسره ، فطلبه القائد وهو منهزم ، فاضطره إلى شجرة فركض فيها ، وكان ذا جمّة ، فتعلق بعض أغصان الشجرة بشعره فحبسه ، ولحقه القائد فقتله مخالفا لأمر داود ، فحزن عليه داود حزنا شديدا ، وتنكر للقائد ، وربما طبقا لرواية التوراة أن رجلا رأى أبشالوم معلقا من رأسه في شجرة كبيرة ملتفة الأغصان فأخبر القائد يؤاب الذي أمره بقتل أبشالوم على أن يعطيه عشرة من الفضة ومنطقة ، لكن الرجل رفض أن يقتل ابن الملك ، بعد أن سمع الملك يوصي بعدم قتله ، ولو أعطاه ألفا من الفضة ، ومن ثم فقد تقدم يؤاب «وأخذ ثلاثة سهام بيده ونشبها في قلب أبشالوم ، وهو بعد حي في قلب البطمة ، وأحاط بها عشرة غلمان حاملوا سلاح يؤاب وضربوا أبشالوم وأماتوه» ، وقد أدى ذلك كله إلى حزن داود المرير على ولده ، حتى «صعد إلى علية الباب وكان يبكي ويقول ، وهو يتمشى ، يا ابني يا أبشالوم يا ابني يا ابني أبشالوم ، يا ليتني مت عوضا عنك يا أبشالوم ابني يا ابني» ، وهكذا لم يعد أمام القبائل الإسرائيلية سوى المناداة بداود ملكا عليها مرة ثانية (١).
٩ ـ التعداد العام ونتائجه :
تروي التوراة أن رب إسرائيل غضب على شعبه إسرائيل «فأهاج عليهم داود قائلا : امض واحص إسرائيل ويهوذا ، فقال الملك ليؤاب رئيس الجيش الذي عنده : طف في جميع أسباط إسرائيل من دان إلى بئر سبع
__________________
(١) صموئيل ثان ١٨ / ١ ـ ١٩ / ٤١ ، تاريخ الطبري ١ / ٤٨٤ ، تاريخ ابن خلدون ١ / ١١١ ، تاريخ اليعقوبي ١ / ٥٣ ، الكامل لابن الأثير ١ / ١٢٧.