بالتعداد إنما هو رب داود ، وليس داود ، ومنها أن بني إسرائيل هنا هم الذين اختاروا الموت عقابا لهم ، وفي رواية التوراة أن داود ترك الخيّرة لأمر ربه ، فاختار لهم الموت ، ومنها أن عدد القتلى هنا غير معروف وإن كان ألوفا كثيرة ، مع أنه في رواية التوراة قد حدد بسبعين ألفا ، ومنها أن داود اعتذر هنا بأنه يأكل الحماض وبنو إسرائيل يضرسون ، وفي رواية التوراة اعتراف صريح «ها أنا أخطأت وأنا أذنبت ، وأما هؤلاء الخراف فما ذا فعلوا» والأعجب أننا ما ندري لوهب بن منبه مصدرا في روايته هذه غير التوراة ، ولم يقل لنا الإمام الطبري ، أو وهب بن منبه ، عن مصدر آخر غير التوراة اعتمد عليه في روايته هذه ، فما بالك والتوراة نفسها موضع شك كبير.
١٠ ـ وفاة داود عليهالسلام :
وتنتهي أيام داود ، النبي الأواب ، في هذه الدنيا ، وينتقل عليهالسلام إلى جوار ربه ، راضيا مرضيا عنه من ربه الكريم ، «واضطجع داود مع آبائه ودفن في مدينة داود» ، وفي الواقع فإن دفن النبي الأواب في مدينة أورشليم (١) (مدينة داود) لأمر غريب ، ذلك لأن هناك عبارة طالما تكررت في التوراة ، وهي أن فلانا قد انضم إلى قومه» أو «انضم إلى آبائه» (٢) ، وربما لا تعدو أن تكون إشارة إلى عقيدة القوم في أن الموتى من أسرة ما ، يجب أن يدفنوا في مكان واحد ، ليبقوا كما كانوا على قيد الحياة (٣) ، ومن هنا فقد كان من المنتظر أن يدفن داود في مقابر أسرته في «بيت لحم» ، وهو الحريص على التقاليد ، والتي يستطيع قارئ التوراة أن يقدم الكثير من الأدلة عليها ، بل إن داود لينقل عظام شاؤل ، وكذا ولديه ، من يابيش
__________________
(١) يذهب ابن خلدون في تاريخه (١ / ١١٢) إلى أن داود دفن في بيت لحم.
(٢) تكوين ٢٥ / ٨ ، قضاة ٢ / ١.
(٣) S.Yeipin ,JNES , ٣٠.p ، ١٩٤٨ ، ٧.