الفصل الأول
سليمان ـ الرّسول النّبي
١ ـ وراثة سليمان داود :
جاء ذكر سيدنا سليمان عليهالسلام في كثير من آي الذكر الحكيم (١) ، وهو أحد أنبياء بني إسرائيل ، شأنه في ذلك شأن أبيه داود عليهالسلام ، فلقد كان سليمان ، كما كان أبوه داود ، عليهماالسلام ، نبيّا ملكا ، فقد جمع الله لكل منهما النبوة والملك ، وأعطاه خيري الدنيا والآخرة ، فكان نبيّا ملكا ، قال تعالى : (وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ) (٢) ، قال ابن كثير : أي في الملك والنبوة ، وليس المراد وراثة المال ، إذ لو كان كذلك لم يخص سليمان وحده من بين سائر أولاد داود ، فإنه قد كان لداود مائة امرأة ، ولكن المراد بذلك وراثة الملك والنبوة ، فإن الأنبياء لا تورث أموالهم ، كما أخبر بذلك سيدنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم في قوله الشريف : «نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه فهو صدقة» (٣) ، وقال النسفي : ورث النبوة والملك دون سائر بنيه ، وكانوا تسعة عشر ، قالوا أوتى النبوة مثل أبيه فكأنه ورثه ، وإلا فالنبوة لا تورث (٤) ، وقد
__________________
(١) انظر : سورة البقرة (١٠٢) والنساء (١٦٣) والأنعام (٨٤) والأنبياء (٧٨ ـ ٨٢) والنمل (١٥ ـ ٤٤) وسبأ (١٢ ـ ١٤) وص (٣٠ ـ ٤٠).
(٢) سورة النمل : آية ١٦.
(٣) تفسير ابن كثير ٣ / ٥٧٣ (ط بيروت ١٩٨٦) ، صحيح البخاري ٨ / ١٨٥ ، صحيح مسلم ٥ / ١٥٣ ، مسند الإمام أحمد ١ / ٤.
(٤) تفسير النسفي ٣ / ٢٠٤.