في الشرف والمنزلة لأنهم القوامون بما بعثوا من أجله ، وفيها أنه يلزمهم لهذه النعمة الفاضلة أن يحمدوا الله على ما أوتوه ، وأن يعتقد العالم أنه إن فضل على كثير ، فقد فضل عليه مثلهم (١). ويقول الفخر الرازي : وأما قوله تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ) ، ففيها أبحاث ، أحدها : أن الكثير المفضل عليه هو من لم يؤت علما مثل علمهما ، وفيه أنهما فضلا على كثير ، وفضل عليهما كثير ، وثانيهما : في الآية دليل على علو مرتبة العلم ، لأنهما أوتيا من الملك ما لم يؤت غيرهما ، فلم يكن شكرهما على الملك كشركهما على العلم ، وثالثها : أنهم لم يفضلوا أنفسهم على الكل وذلك يدل على حسن التواضع ، ورابعها : أن الظاهر يقتضي أن تلك الفضيلة ليست إلا ذلك العلم ، ثم العلم بالله وبصفاته أشرف من غيره ، فوجب أن يكون هذا الشكر ليس إلا على العلم ، ، ثم إن هذا العلم حاصل لجميع المؤمنين فيستحيل أن يكون ذلك سببا لفضيلتهم على المؤمنين ، فإذن الفضيلة هو أن يصير العلم بالله وبصفاته جليا بحيث يصير المرء مستغرقا فيه بحيث لا يخطر بباله شيء من الشبهات ، ولا يغفل القلب عنه في حين من الأحيان ، ولا ساعة من الساعات (٢).
٢ ـ من أحكام سليمان :
يذهب كثير من المؤرخين والمفسرين إلى أن سليمان عليهالسلام قد تولى الملك صبيّا لما ييفع ، ومن ثم فقد ذهب فريق منهم إلى أنه كان في الثانية عشرة أو الثالثة عشرة (٣) ، عند ما خلف أباه في الحكم ، ومع ذلك ، فقد
__________________
(١) تفسير النسفي ٣ / ٢٠٤.
(٢) تفسير الفخر الرازي ٢٤ / ١٨٥ ـ ١٨٦.
(٣) تاريخ اليعقوبي ١ / ٥٦ ، المسعودي ١ / ٧١ ، تاريخ ابن الأثير ١ / ١٢٨ ، ثم قارن ابن خلدون : حيث يذهب إلى أنه كان في الثانية والعشرين من عمره حين ولي الحكم (تاريخ ابن خلدون ٢ / ١١٢).