تشبه حرف العلّة. ولو ورد في الكلام مثل «جحنعل» مثلا لجعلت النون فيه أصليّة كما جعلت في «عجنّس» كذلك ، لمفارقتها إذ ذاك الغنّة التي أشبهت بها حرف العلّة.
فهذه جملة الأماكن التي يقضى على النون فيها بالزيادة. وما عدا ذلك قضي عليه بالأصالة ، ولا يقضى عليه بالزيادة إلّا بدليل :
فمما زيدت فيه النون أولا لقيام الدليل على زيادتها «نرجس» وزنه «نفعل». وإنما لم تكن نونه أصليّة لأنه ليس في كلامهم «فعلل».
فإن قيل : وكذلك ليس في كلامهم «نفعل»؟.
فالجواب : أنه قد تقدّم أنّ الحرف إذا كان جعله زائدا يؤدّي إلى بناء غير موجود ، وكذلك جعله أصليّا ، قضي عليه بالزيادة ، للدخول في الباب الأوسع ، لأنّ أبنية المزيد أكثر من أبنية الأصول.
وزعم ابن جنّي : أنّ النون في «نبراس» (١) زائدة ووزنه «نفعال» ، وجعله مشتقّا من «البرس» وهو القطن ، لأنّ الفتيل يتّخذ في الغالب من القطن. وذلك اشتقاق ضعيف جدّا. بل لقائل أن يقول : الغالب في الفتيل ألّا يكون من القطن. وكذلك قولهم «نفرجة القلب» وزنه عنده «نفعلة» ، لأنّ «النّفرجة» : الجبان الذي ليست له جلادة ولا حزم. واستدلّ على ذلك بقول العرب «رجل أفرج وفرج» إذا كان لا يكتم سرّا ، فجعل «نفرجة القلب» مشتقّا منه ، لأنّ إفشاء السّرّ من قلّة الحزم. وهذا الاشتقاق أيضا ضعيف ، لأنّ إفشاء السّرّ ليس بقلّة حزم ، بل هو بعض صفات القليل الحزم. وأيضا فإنّ «الأفرج» و «الفرج» لا يراد بهما الجبان كما يراد بـ «نفرجة القلب». فدلّ ذلك على ضعف هذا الاشتقاق. فينبغي أن تجعل النون فيها أصليّة.
وزيدت ثانية في «قنعاس» (٢) و «قنفخر» (٣) و «عبنبس» (٤) و «عنسل» (٥) و «عنتريس» (٦)
__________________
(١) النبراس : المصباح ، لسان العرب ، مادة (برس).
(٢) القنعاس : الجمل الضخم العظيم ، لسان العرب ، مادة (قنعس).
(٣) القنفخر : الفائق في نوعه ، لسان العرب ، مادة (قفخر).
(٤) العبنبس : الأسد ، لسان العرب ، مادة (عنبس).
(٥) العنسل : الناقة السريعة القوية ، لسان العرب ، مادة (عنسل).
(٦) العنتريس : الناقة الغليظة الصلبة الوثيقة الشديدة الكثيرة اللحم الجواد الجريئة ، وقد يوصف به الفرس ، تاج العروس ، مادة (عترس).