فإن قيل : فإن الهمزة أيضا قد لازمت المثال؟.
فالجواب : أنه لا يمكن أيضا القضاء بزيادتها مع زيادة النون ، لئلّا يؤدّي إلى بقاء الاسم على أقلّ من ثلاثة أحرف ، إذ الواو زائدة. فلمّا تعذّرت زيادتهما معا قضي بزيادة النون ، لأنّ زيادة النون غير أوّل أكثر من زيادة الهمزة.
فإن قيل : فهلّا جعلت الواو أصليّة وقضيت على النون والهمزة بالزيادة؟.
فالجواب : أنّ القضاء على الواو بالزيادة أولى من القضاء على الهمزة والنون بذلك ، لأنّ زيادة الواو أكثر من زيادة النون والهمزة غير أوّل.
ومما يدلّ على زيادة النون في هذه الأسماء أنّه قد تقرّر في «كنثأو» زيادة النون بالاشتقاق ، لأنهم قد قالوا «كثّأت لحيته» إذا كانت كنثأوا ، فحذفوا النون. قال الشاعر :
وأنت امرؤ ، قد كثّأت لك لحية |
|
كأنك منها قاعد في جوالق (١) |
فينبغي أن يحمل ما لم يعلم له اشتقاق ، من هذه الأسماء ، على ما علم له ذلك.
وأمّا «خنزير» فنونه أصليّة. وليس في قوله :
لا تفخرنّ ، فإنّ الله أنزلكم |
|
يا خزر تغلب ، دار الذّلّ والهون (٢) |
دليل على أنّ النون زائدة ، لأنّ «خزرا» ليس بجمع خنزير ، بل هو جمع أخزر. لأنّ كلّ خنزير عندهم أخرز ، خلافا لأحمد بن يحيى ، فإنه يجعل «خزرا» جمع خنزير. وذلك فاسد. لأنه ليس قياس خنزير أن يجمع على خزر. فمهما أمكن أن يحمل على المطّرد كان أولى.
وزيدت ثالثة غير ساكنة في نحو «فرناس» و «ذرنوح» (٣). أمّا «ذرنوح» فإنهم يقولون في معناه «ذرّوح» فيحذفون النون. وأمّا «فرناس» الأسد فإنه مشتقّ من «فرس يفرس» ، لأنّ الافتراس من صفة الأسد.
وزيدت رابعة في «رعشن» (٤) و «علجن» و «ضيفن» و «خلفنة» و «عرضنة» (٥). فأمّا
__________________
(١) البيت من البحر الطويل ، وهو بلا نسبة في لسان العرب ، وتاج العروس للزبيدي ، مادة (كثأ).
(٢) البيت من البسيط ، وهو لجرير في ديوانه ص ٢٣٧ ، وأساس البلاغة ، وتاج العروس ، مادة (خزر).
(٣) الذرنوح : دويبة ، المحكم لابن سيده ، مادة (ح ذ ر).
(٤) الرعشن : الجبان الندي يرتعش ، لسان العرب ، مادة (رعش).
(٥) العرضنة : الذي يتعرض الناس بالباطل ، لسان العرب ، مادة (عرض).