[تقسيم التصريف]
والتصريف ينقسم قسمين : أحدهما جعل الكلمة على صيغ مختلفة ، لضروب من المعاني ، نحو : ضرب ، وضرّب ، وتضرّب ، وتضارب ، واضطرب ، فالكلمة التي هي مركّبة من ضاد وراء وباء ، نحو «ضرب» ، قد بنيت منها هذه الأبنية المختلفة ، لمعان مختلفة ، ومن هذا النحو اختلاف صيغة الاسم ، للمعاني التي تعتوره ، من التصغير ، والتكسير ، نحو «زييد» ، و «زيود» ، وهذا النحو من التصريف جرت عادة النحويين أن يذكروه مع ما ليس بتصريف ، فلذلك لم نضمّنه هذا الكتاب ، إلّا أنّ أكثره مبنيّ على معرفة الزائد من الأصليّ ، فينبغي أن تبيّن حروف الزيادة ، والأشياء التي يتوصّل بها إلى معرفة زيادتها من أصالتها.
والآخر من قسمي التصريف : تغيير الكلمة عن أصلها ، من غير أن يكون ذلك التغيير دالا على معنى ، طارئ على الكلمة ، نحو تغييرهم «قول» إلى «قال» ألا ترى أنهم لم يفعلوا ذلك ، ليجعلوه دليلا على معنى خلاف المعنى الذي كان يعطيه «قول» ، الذي هو الأصل ، لو استعمل ، وهذا التغيير منحصر في : النقص كـ «عدة» ونحوه ، والقلب كـ «قال» و «باع» ونحوهما ، والإبدال كـ : «اتّعد» و «اتّزن» ونحوهما ، والنقل كنقل عين «شاك» و «لاث» إلى محلّ اللّام ، وكنقل حركة العين إلى الفاء في نحو : «قلت» و «بعت» ، على ما يبيّن بعد.
والفرق بين الإبدال والقلب أنّ القلب تصيير الشيء على نقيض ما كان عليه ، من غير إزالة ولا تنحية ، والبدل وضع الشيء مكان غيره ، على تقدير إزالة الأوّل وتنحيته ، فلذلك جعلنا مثل «قال» و «باع» قلبا ؛ لأنّ حروف العلّة يقارب بعضها بعضا ؛ لأنها من جنس واحد ، فسهل تقدير انقلاب بعضها إلى بعض ؛ وجعلنا مثل «اتّعد» ونحوه إبدالا ، لتباين حروف الصحّة من حروف العلّة ، وكذلك جعلنا قولهم «أمواء» في «أمواه» من قبيل البدل ، لتباين حروف الصّحّة بعضها من بعض. فنقول على هذا في «اتّعد» وأمثاله : إنه كان في الأصل «اوتعد» فحذفت الواو وأبدل منها التاء ، لا إنّ الواو انقلبت تاء ، وأمّا «قام» وأمثاله فيقدّر أنه كان في الأصل «قوم» ، ثم استحالت الواو ألفا ، لا أنها حذفت وجعل مكانها الألف.
وينبغي أن نبيّن في هذا القسم الآخر حروف البدل والقلب ، والأماكن التي تبدل فيها وتقلب ، والحروف التي تحذف ، وأين يجوز نقل الحركة إلى الحرف ، وأين لا يجوز ذلك. فإذا بيّنّا جميع ما ذكرناه ، في هذين القسمين ، فقد أتينا على جملة التصريف.