باب
ما يزاد من الحروف في التضعيف
اعلم أنّ التضعيف لا يخلو أن يكون من باب إدغام المتقاربين ، أو من باب إدغام المثلين. فإن كان من باب إدغام المتقاربين فلا يلزم أن يكون أحد الحرفين زائدا. بل قد يمكن أن يكون زائدا ، وأن يكون أصلا. وإذا كان الإدغام من جنس إدغام المثلين كان أحد المثلين زائدا ، إلّا أن يقوم دليل على أصالتهما ، على ما يبيّن.
فإن قيل : فيم يمتاز إدغام المتقاربين من إدغام المثلين؟.
فالجواب : عن ذلك أن نقول : إذا وجد حرف مضعّف فينبغي أن يجعل من إدغام المثلين ، ولا تجعله من إدغام المتقاربين إلّا أن يقوم على ذلك دليل ، لأنه لا يجوز أن يدغم الحرف في مقاربه من كلمة واحدة ، لئلّا يلتبس بأنه من إدغام المثلين ؛ ألا ترى أنك لا تقول في أنملة (١) : «أمّلة» ، لأنّ ذلك ملبس ، فلا يدرى هل هو في الأصل «أنملة» أو «أمملة». فإن كان في الكلمة بعد الإدغام ما يدلّ على أنه من إدغام المتقاربين جاز الإدغام ، وذلك نحو قولك «امّحى الكتاب» ، أصله «انمحى» ، بدليل أنه لا يمكن أن يكون من باب إدغام المثلين. إذ لو كان كذلك لكان «افّعل» ، و «افّعل» ليس من أبنية كلامهم. فلمّا لم يمكن حمله على أنّ الإدغام فيه من قبيل إدغام المثلين تبيّن أنه في الأصل «انمحى» لأنّ في كلامهم «انفعل».
فأمّا «همّرش» (٢) فينبغي أن يحمل على أنّ إدغامه من قبيل إدغام المثلين ، ويكون وزن الكلمة «فعّللا» ، فتكون ملحقة بـ «جحمرش» (٣) ، لما ذكرناه من أنّ الأصل في كلّ إدغام ، يكون في كلمة واحدة ، أن يحمل على أنه من قبيل إدغام المثلين ، إلّا أن يمنع من
__________________
(١) الأنملة : المفصل الأعلى من الأصبع ، لسان العرب ، مادة (نمل).
(٢) الهمرش : العجوز الكبيرة المسنة ، لسان العرب ، مادة (همرش).
(٣) الجحمرش : العجوز الكبيرة ، لسان العرب ، مادة (جحمرش).