باب إبدال الهمزة من الواو
الواو لا يخلو من أن تكون ساكنة ، أو متحركة. فإن كانت متحركة فلا يخلو من أن تكون أوّلا ، أو غير أوّل. فإن كانت أوّلا فلا يخلو أن تكون وحدها ، أو ينضاف إليها واو أخرى. فإن انضاف إليها أخرى أبدلت الأولى همزة ، هروبا من ثقل الواوين. وذلك نحو قولهم في جمع «واصل» : «أواصل». أصله «وواصل» فقلبت الواو همزة. وكذلك «أول» أصله «وول» ، لأنه «فعل» من لفظ «أوّل» و «أوّل» فاؤه وعينه واو. فقلبت الواو الأولى همزة. ولا يجوز في هذا وأمثاله إلّا الهمز.
فإن كانت وحدها فلا يخلو من أن تكون مضمومة ، أو مكسورة ، أو مفتوحة. فإن كانت مكسورة أو مضمومة جاز أن تبدل منها همزة ، فتقول في «وعد» : «أعد» ، وفي «وقّتت» : أقّتت ، وفي «وسادة» : «إسادة» ، وفي «وعاء» : «إعاد». وقد قريئ (ثم استخرجها من إعاأ أخيه) [يوسف : ٧٦]. وكذلك تفعل بكلّ واو تقع أوّلا ، مكسورة ، أو مضمومة.
وإنما فعلت ذلك ، لثقل الضمّة والكسرة في الواو. وذلك أنّ الضمة بمنزلة الواو ، والكسرة بمنزلة الياء. فإذا كانت الواو مضمومة فكأنه قد اجتمع لك واوان. وإذا كانت مكسورة فكأنه قد اجتمع لك ياء وواو. فكما أنّ اجتماع الواوين ، والياء والواو ، مستثقل فكذلك اجتماع الواو والضمّة ، والواو والكسرة.
وزعم المازنيّ أنه لا يجوز همزة الواو المكسورة بقياس ، بل يتّبع في ذلك السماع. وهذا الذي ذهب إليه فاسد ، قياسا وسماعا.
أمّا القياس فلما ذكرنا من أنّ الواو المكسورة بمنزلة الياء والواو ، فكما يكرهون اجتماع الياء والواو ، حتى يقلبون الواو إلى الياء ـ تقدّمت أو تأخّرت ـ فيقولون «طويت طيّا» والأصل «طويا» ، ويقولون «سيّد» والأصل «سيود» ، فكذلك ينبغي أن يكون النّطق بالواو المكسورة مستثقلا.
فإن قال قائل : هلّا قسّم «وشاحا» وأخواته على «ويح» و «ويس» وأمثالهما ، فكما أنّ