باب الطاء
وأمّا الطاء فأبدلت من التاء ، لا غير. أبدلت باطّراد البتّة ، ولا يجوز غير ذلك ، من تاء «افتعل» إذا كانت الفاء صادا ، أو ضادا ، أو طاء ، أو ظاء. فتقول في «افتعل» من الصّبر : «اصطبر» ، ومن الضّرب : «اضطرب» ، ومن الظّهر «اظطهر» ، ومن الطّرد : «اطّرد». فتدغم ، لأنك لمّا أبدلت التاء طاء اجتمع لك مثلان ، الأوّل منهما ساكن ، فأدغمت. ولم تبدل التاء لأجل الإدغام ، بل للتباعد ، بل للتباعد الذي بين الطاء والتاء ، كما فعلت ذلك مع الضاد والظاء والصاد ؛ ألا ترى أنك أبدلت من التاء طاء ولم تدغم ، لمّا لم يجتمع لك مثلان.
والتباعد الذي بين التاء وبين هذه الحروف أنّ التاء منفتحة منسفلة ، وهذه الحروف مطبقة مستعلية. فأبدلوا من التاء أختها في المخرج ، وأخت هذه الحروف في الاستعلاء والإطباق ، وهي الطاء.
وأبدلت ، بغير اطّراد ، من تاء الضمير بعد الطاء والصاد. فقالوا «فحصط» و «خبطّ» ، يريدون «فحصت» و «خبطت». والأكثر التاء. والعلّة في الإبدال كالعلّة في «افتعل» ، من التباعد الذي ذكرنا بين التاء وبين الصاد والطاء. فقرّبوا ليسهل النّطق. ومن ذلك قوله :
وفي كلّ حيّ قد خبطّ بنعمة |
|
فحقّ لشأس ، من نداك ، ذنوب (١) |
رواه أبو عليّ ، عن أبي بكر ، عن أبي العباس : «خبطّ» ، على إبدال الطاء من التاء.
* * *
__________________
(١) البيت من البحر الطويل ، وهو لعلقمة الفحل في ديوانه ص ٤٨ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٤٠٠ ، وشرح المفصل ٥ / ٤٨ ، ولسان العرب ، مادة (جنب) و (شأس) ومجالس ثعلب ص ٩٧.