باب الميم
وأمّا الميم فأبدلت من أربعة أحرف وهي : الواو ، والنون ، والياء ، واللّام.
فأبدلت من الواو في قولهم «فم» ، والأصل «فوه» ، فحذفت الهاء تخفيفا ، فلمّا صار الاسم على حرفين ، الثاني منهما حرف لين ، كرهوا حذفه للتنوين ، فيجحفوا به ، فأبدلوا من الواو ميما لقرب الميم من الواو. وقد تشدّد الميم في ضرورة الشعر ، نحو قوله :
يا ليتها قد خرجت من فمّه |
|
حتّى يعود البحر في أسطمّه (١) |
روي بفتح الفاء من «فمّه» وضمها ، والدليل على أنّ الأصل فيه «فوه» قولهم «أفواه» و «فوهاء» و «أفوه» و «مفوّه».
وأبدلت باطّراد من النون الساكنة عند الباء في نحو «عمبر» و «شمباء» (٢). وذلك لأنّ النون أخت الميم وقد أدغمت في الميم ، فأرادوا إعلالها أيضا مع الباء كما أعلّوها مع الميم بالإدغام. وسنبيّن ذلك بأكثر من هذا ، في الإدغام ، إن شاء الله تعالى.
وقد أبدلت من نون «البنان» فقالوا «البنام». قال :
يا هال ذات المنطق التّمتام |
|
وكفّك ، المخضّب البنام (٣) |
يريد «البنان».
وأبدلت أيضا من الباء في قولهم «بنات بخر» و «بنات مخر». وهنّ سحائب يأتين قبل الصّيف ، بيض منتصبات في السّماء. قال طرفة :
__________________
(١) الرجز ، للعجاج في ملحق ديوانه ٢ / ٣٢٧ ، وخزانة الأدب ٤ / ٤٩٣ ، والدرر ١ / ١٠٩ ، وبلا نسبة في جواهر الأدب ص ٩٢ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٤١٥ ، وشرح المفصل ١٠ / ٣٣.
(٢) الشمباء : العذبة الفم ، لسان العرب ، مادة (شنب).
(٣) الرجز ، لرؤبة في ملحق ديوانه ص ١٨٣ ، وسر صناعة الإعراب ص ٤٢٢ ، وديوان المتنبي ٣ / ٢١٦ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٤ / ٤٠١ ، وشرح الأشموني ٣ / ٨٦٠.