جريء متى يظلم يعاقب بظلمه |
|
سريعا وإلّا يبد بالظّلم يظلم (١) |
فخفّف همزة «يبدأ» ، ثم جراها مجرى حروف العلّة ، فحذفها للجازم. فكما أنّ هذا القدر غير متعدّ به فكذلك حذف الواو في مثل «يوضؤ» و «يوطؤ» لا يكون تغييرا.
فدلّ ذلك على أنّ الواو لا تستثقل بين الياء والضمّة ، وأنها إنما حذفت في «يجد» لما ذكرناه.
وإنما لم يكن نقل الواو بين الياء والضمّة كثقلها بين الياء والكسرة ، لأن الكسرة والياء منافرتان للواو ـ ولذلك إذا اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون قلبت الواو ياء وصيّر اللفظ بهما واحدا ـ فإذا وقعت الواو بينهما كانت واقعة بين شيئين ينافرانها ، وإذا وقعت بين ياء وضمّة كانت واقعة بين مجانس ومنافر. فلذلك كان وقوعها بين ياء وضمّة أخفّ من وقوعها بين ياء وكسرة.
فإذا رددت الفعل إلى ما لم يسمّ فاعله لم تحذف الواو ، فقلت «يوعد».
فإن قيل : ولم لم تحذف الواو ، وأنتم تزعمون أنّ الفعل المبنيّ للمفعول مغيّر من فعل الفاعل ، ولذلك لم تدغم العرب الواو في الياء في «بويع» و «سوير» وأمثالهما ، لأنّ الأصل «بايع» و «ساير» ، فكذلك كان ينبغي أن يقال «يعد» و «يزن» ، لأنّ الأصل «يعد» و «يزن»؟.
فالجواب : أنّ كلّ فعل مضارع ثلاثيّ مبنيّ للمفعول يأتي أبدا على وزن «يفعل» ، بضمّ حرف المضارعة وفتح العين ، ولا ينكسر ذلك في شيء منه ، فأشبه مضارع «فعل» في أنه يلزم فيه طريقة واحدة ؛ ألا ترى أنّ مضارع «فعل» إنما يأتي أبدا على «يفعل» ، بفتح حرف المضارعة وضمّ العين. فحمل عليه لذلك. وأيضا فإن العرب قد تعدّ بالعارض ، ولا تلفت إلى الأصل ، فيكون قول العرب «يوعد» من قبيل الاعتداد بالعارض ، فلذلك لم يحمل على فعل الفاعل. ويكون «سوير» من قبيل ترك الاعتداد بالعارض ، فلذلك حمل على «ساير». فلم تحذف الواو منه كما لم تحذف من مضارع «فعل».
ويأتي مصدر «فعل» الذي فاؤه واو أبدا على وزن «فعلة» ، أو «فعل» في الغالب ، نحو «وعد» و «وعدة» و «وزن» و «وزنة». وقد يأتي على خلاف هذين البناءين ، مما يرد يرد عليه الصحيح ، نحو «ورد الماء ورودا».
__________________
(١) البيت من البحر الطويل ، وهو لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص ٢٤ ، وخزانة الأدب للبغدادي ٣ / ١٧ ، وسر صناعة الإعراب لابن جني ٢ / ٧٣٩ ، وشرح شواهد الشافية ص ١٠.