مضارعين لـ «دمت» و «متّ». ومن قال «متّ» بالكسر و «دمت» لم يستعمل لهما مضارعا ، بل اجتزأ بمضارع «متّ» و «دمت» عنه.
وأمّا «فعل» من ذوات الياء فمضارعها أبدا على «يفعل» بكسر العين ، نحو «باع يبيع». ولم يشذّ من ذلك شيء.
وأمّا «فعل» من ذوات الواو فمضارعها أبدا على «يفعل» بضمّ العين ، نحو «قال يقول». ولم يشذّ من ذلك شيء إلّا لفظتان ، وهما «طاح يطيح» و «تاه يتيه» ، في لغة من قال «ما أطوحه» وما «أتوهه». ولا يمكن أن يكونا ـ على هذا ـ «فعل» بكسر العين ، لأنّ «فعل يفعل» شاذّ من الصحيح والمعتلّ ، و «فعل يفعل» وإن كان شاذّا فيما عينه واو فليس بشاذّ في الصحيح. فحملهما على ما يكون مقيسا في حال أولى.
فأمّا من قال «ما أتيهه» فقوله «يتيه» على القياس. والدليل أيضا على أنّ «تاه» قد يكون من ذوات الياء قولهم «وقع في التّوه والتّيه». فقولهم «في التّيه» دليل على أنه من ذوات الياء بقاء مع الظاهر. وكذلك أيضا «تيّه» يدلّ على أنّ «تاه» من ذوات الياء.
فإن قيل : فلعل «تيّه» : «فيعل» ، وهي من ذوات الواو ، والأصل «تيوه» فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء؟.
فالجواب : أنّ «فعّل» أكثر من «فيعل» ، فيجب أن يحمل «تيّه» على «فعّل» لذلك.
وأيضا فإنّ «تيّه» للتكثير ، فينبغي أن يكون على «فعّل» ، لأنّ «فعّل» من الأبنية التي وضعتها العرب للتكثير ، نحو «قطّع» و «كسّر». وأيضا فإنهم يقولون فيه إذا ردّوه لما لم يسمّ فاعله «تيّه». ولو كان «فيعل» لقالوا «تويه» إن كان من ذوات الياء ، و «تووه» إن كان من ذوات الواو كـ «بوطر». ولم يجز الإدغام كما لم يدغم مثل «سوير» ، لأنّ الواو مدّة. وسيبيّن ذلك في بابه ، إن شاء الله تعالى.
فإن قيل : فلأيّ شيء قالوا في مضارع «فعل» من ذوات الواو : «يفعل» ، ومن ذوات الياء : «يفعل» ، وقد كان «فعل» من الصحيح يجوز في مضارعه «يفعل» و «يفعل» ، نحو «يضرب» و «يقتل»؟.
فالجواب : عن ذلك شيئان :
أحدهما : أنه لمّا حوّل «فعل» من ذوات الواو إلى «فعل» جاء مضارعه كمضارع «فعل» ، فالتزموا فيه «يفعل» بضمّ العين. وأمّا «فعل» من ذوات الياء فلمّا حوّل إلى «فعل» أشبه «فعل» من ذوات الواو ، في أنّ بناءهما في الأصل «فعل» مفتوح العين ، وأنّ كلّ