واحد منهما حوّلت حركة عينه الأصلية إلى حركة من جنس العين. فكما التزموا في مضارع «فعل» من ذوات الواو أن تكون حركة العين من جنسها ، كذلك التزموا في مضارع «فعل» من ذوات الياء أن تكون حركة العين من جنسها.
فإن قيل : فهلّا لمّا حوّلوا «فعل» من ذوات الياء إلى «فعل» جعلوا مضارعه «يفعل» بفتح العين ، كمضارع «فعل» ، ثم حملوا «فعل» من ذوات الواو على «فعل» من ذوات الياء؟.
فالجواب : أنّ «فعل» المكسور العين قد شذّوا في مضارعه ، فجاء على «يفعل» نحو «حسب يحسب» و «نعم ينعم» ، وعلى «يفعل» بضمّ العين نحو «فضل يفضل». فإذا فعلوا ذلك فيما عينه مكسورة في الأصل بالأحرى أن يجيء ذلك فيما عينه في الأصل مفتوحة. وأمّا «فعل» فلم يشذّوا في شيء من مضارعه ، فلذلك لمّا حوّلت «فعل» إليها التزموا في المضارع «يفعل» بضم العين. وأيضا فإنهم إذا جعلوا مضارع «فعل» من ذوات الواو «يفعل» بضمّ العين لم يخرجوه عمّا كان يجوز فيه قبل نقله إلى «فعل» ، لأنّ «يفعل» مضارع «فعل» في فصيح الكلام. بل يكون قد التزم فيه أحد البناءين اللذين كانا له في نظيره من الصحيح. ولو جعلت مضارع «فعل» ممّا عينه ياء على «يفعل» بفتح العين لكنت قد جعلت مضارعه بعد النقل خارجا عن قياس ما كان عليه قبل النقل.
والآخر : أنهم أرادوا التفرقة بين ذوات الواو وذوات الياء ، فالتزموا في ذوات الواو «يفعل» بضم العين ، لأنّ الضمّة من جنس الواو ، وفي «فعل» من ذوات الياء «يفعل» بكسر العين لأنّ الكسرة من جنس الياء.
وهذا الوجه الآخر أولى ، لأنهم قد فعلوا مثل ذلك في المعتل اللام : التزموا في «فعل» من ذوات الواو «يفعل» بضمّ العين نحو «يغزو» ، وفي مضارع «فعل» من ذوات الياء «يفعل» بكسر العين نحو «يرمي» ، تفرقة بين الياء والواو. وسنبيّن ذلك بعد ، إن شاء الله.
فإن قيل : فهلّا فرّقوا في مضارع «فعل» المكسورة العين ، بين ذوات الياء والواو ، فالتزموا في مضارع ذوات الواو «يفعل» بضمّ العين ، وفي مضارع «فعل» من ذوات الياء «يفعل» بكسر العين ، كما فعلوا في «فعل»؟.
فالجواب : أنهم لو فعلوا ذلك لأخرجوا مضارع «فعل» المكسور العين عن قياسه ، لأنّ المضارع منه إنّما يأتي على «يفعل» بفتح العين. وليس كذلك «فعل» ، بل مضارعه يأتي على «يفعل» و «يفعل». فالتزمنا في ذات الواحد أحد الجائزين ، وهو يفعل المضموم العين ، وفي ذوات الياء أيضا أحد الجائزين ، وهو «يفعل» المكسور العين.