*عيناء حوراء ، من العين الحير (١)*
ولا يحفظ قلب واو «مفعول» ياء ، إلّا أن يدغم نحو «مرميّ». وأيضا فإن واو «مفعول» أقرب إلى الطّرف فحذفها أسهل.
وأما أبو الحسن فيستدلّ على أنّ المحذوف هو العين بأنها لغير معنى ، وواو «مفعول» حرف معنى يدلّ على المفعوليّة. فحذف ما لا معنى له أسهل ، كما أنّه لمّا اجتمعت التاءان في «تذكّرون» ونحوه حذفت الثانية ، ولم تحذف الأولى ، حيث كانت لمعنى.
وللخليل أن يفرق بينهما ، فيقول : إنّ التّاء الأولى في «تذكّرون» وأمثاله حرف منفرد ، فلو حذفت لم يبق ما يدلّ على المعنى الذي كانت التاء تعطيه ، وأنت إذا حذفت واو «مفعول» أبقيت الميم تدلّ على معنى المفعوليّة.
فإن قال : إنّ الزّيادة التي لمعنى إذا كانت معها زيادة أخرى فإنهما يجريان مجرى الزّيادة الواحدة ، ألا ترى أنّ المعنى يقع بمجموعهما. فإذا وقع بمجموعهما لم يجز أن تحذف واحدة منهما ، كما لم يجز أن تحذف الزيادة الواحدة ؛ ألا ترى أنّ الزيادتين إذا لحقتا لمعنى فحذفت الأخرى ، نحو زيادتي «سكران» إذا رخّمته اسم رجل ، وكذلك الزيادتان في «مفعول» لو حذفت واحدة منهما للزمك حذف الأخرى! فللخليل أن يقول : لا تجري الزيّاتان مجرى الزيادة الواحدة. بل يجوز حذف إحداهما وإبقاء الأخرى ، لتدلّ على الأخرى المحذوفة ، ألا ترى أنهم قالوا «اسطاع يسطيع» ، فحذفوا إحدى الزيادتين وهي التاء ، وأبقوا السين ، وهما جميعا زيد المعنى ، كما أنّ الميم والواو في «مفعول» كذلك فأمّا «سكران» وبابه فإنما حذفتا فيه معا ، لوقوعهما طرفا غير مفترقتين. فكان الحذف أغلب عليهما ، إذ كان الطرف موضعا تحذف فيه الأصول في الترخيم والتكسير. فالزّيادتان في «مفعول» أشبه بالزّيادتين في «اسطاع» من زيادتي «سكران» ، لكونهما حشوا في «مفعول» كما أنهما في «اسطاع» كذلك.
فإن قيل : فقد وجدناهم حذفوا الأصل وأبقوا الزيادة ، لمّا كانت لمعنى ، فقالوا «تقى» في «اتّقى» ، فحذفوا التاء الأصليّة وأبقوا تاء «افتعل»؟.
__________________
(١) الشعر من الرجز ، وهو بلا نسبة في أدب الكاتب لابن قتيبة ص ٦٠٠ ، وشرح المفصل لابن يعيش ٤ / ١١٤ ، والمنصف لابن جني ١ / ٢٨٨ ، والمخصص لابن سيده ١ / ١٩٩ ، ونوادر أبي زيد ص ٢٣٦ ، ولسان العرب لابن منظور ، مادة (جور).