بضمّها نحو «حبلى». وإنما قلبت الضمّة كسرة ، لأنهم لم يعتدّوا بألف التأنيث ، فجرت لذلك مجرى القريبة من الطرف ، واعتدّوا بها في الاسم كما اعتدّوا بها في «صورى» و «حيدى» ، فلم ينقلب حرف العلّة ألفا. وكان الذي سنّ ذلك فيهما كون الصفة أثقل من الاسم ، إذ الصفة من العلل المواضع للصرف ، فهي أدعى للتخفيف ، والياء أخفّ من الواو ، فقلبت الضمة كسرة لتصحّ الياء.
فإن سكن ما قبله ، أو ما بعده ، أو ما قبله وما بعده ، صحّ إلّا ما يستثنى بعد ، وذلك نحو «خوان» (١) ، و «صوان» (٢) ، و «قوام» ، و «حوّل» (٣) و «مقوال» ، و «مشوار» (٤) ، و «التّجوال» و «أقوال» و «أدواء». وكذلك «أهوناء» إنما صحّ لسكون ما قبله ، لا لأنّ زيادته كزيادة الفعل ، لأنّ ألف التأنيث أزالت عنه الالتباس الذي كان يكون فيه بالفعل ، لو أعلّ قبل لحاقها. وإنما صحّت العين في مثل هذه الأسماء ، لأنها لو قلبت ألفا لالتقى ساكنان ، فتحذف الألف ، فكان ذلك تغييرا كثيرا ، وكان مؤدّيا في بعض المواضع إلى الإلباس ؛ ألا ترى أنّك لو أعللت «قوولا» فقلبت واوه ألفا ثم حذفتها لصار اللفظ «قولا» على وزن «فعل» ، ولم يعلم هل هو «فعول» في الأصل. وأيضا فإنه ليس لها ما يوجب إعلالها ، إذ ليست على وزن الفعل ولا جارية عليه.
وقد أعلّ من هذا الفصل أشياء لأسباب أوجبت ذلك فيها ، وأنا أذكرها لك ، إن شاء الله.
فمن ذلك «فعال» إذا كان مصدرا لفعل معتلّ العين بالواو ، أو جمعا لمفرد عينه واو ، وقد سكنت الواو في مفرده ، أو اعتلّت بقلبها ألفا ، فإنك تقلب الواو ياء. وذلك نحو «قام قياما» و «سوط وسياط» و «دار وديار». والأصل «قوام» و «سواط» و «دوار».
فقلبت الواو في «قوام» ياء ، لانكسار ما قبلها ، مع الحمل على الفعل في الاعتلال ، مع أنّ الواو بعدها ألف وهي قريبة الشّبه من الياء. فلمّا اجتمعت هذه الأسباب خفّف اللفظ بقلب الواو ياء ، ولو نقص شيء من هذه الأسباب لم تقلب الواو ألفا ؛ ألا ترى أنّ «لواذا» صحّت واوه لحصّتها في «لاوذ» ، و «حول» صحّت واوه لكونها ليس بعدها ألف ، و «القوام» صحّت واوه لأنها ليس قبلها كسرة.
__________________
(١) الخوان : المائدة التي يؤكل عليها ، فارسي معرّب. انظر لسان العرب لابن منظور ، مادة (خون).
(٢) الصّوان : الوعاء الذي يصان فيه. انظر لسان العرب لابن منظور ، مادة (صون).
(٣) الحوّل : المحتال شديد الاحتيال. انظر الصحاح للجوهري ، مادة (حول).
(٤) المشوار : الموضع الذي تعسّل فيه النحل. انظر لسان العرب لابن منظور ، مادة (شور).