(وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيراً) [الفرقان : ٢١]. وإذا كان الوجه في اللّام أن تثبت لم يجز في العين إلّا الثبات ، لأنّ العين أقوى من اللّام. وكذلك أيضا لا يجوز قلب الواو الواقعة عنها في الجمع ، إذا كانت اللّام معتلّة ، كراهية توالي الإعلال من جهة واحدة. وذلك نحو «شاو وشوىّ».
فأمّا «فعّال» نحو «صوّام» فلا تقلب الواو فيه ياء ، لبعدها من الطرف. وقد جاء حرفان شاذّان ، وهما : قولهم «فلان في صيّابة قومه» ، يريدون «صوّابة» ، أي : صميمهم وخالصهم. وهو من «صاب يصوب» إذا نزل. كأنّ عرقه فيهم قد شاع وتمكّن. وقولهم : «نيّام» بمعنى «نوّام» جمع نائم. أنشد ابن الأعرابيّ :
ألا طرقتنا ميّة بنت منذر |
|
فما أرّق النّيام إلّا سلامها (١) |
ومن ذلك «فيعل» نحو «سيّد» و «ميّت» و «ليّن». فإنه إن كان من ذوات الياء أدغمت الياء في الياء من غير تغيير. وإن كان من ذوات الواو قلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء. فمن ذوات الياء «ليّن» ، ومن ذوات الواو «سيّد» و «ميّت». وإن شئت حذفت الياء المتحرّكة تخفيفا ، فقلت «سيد» و «ميت» و «لين» ، لاستثقال ياءين وكسرة. والفارسيّ لا يرى التخفيف في ذوات الياء قياسا ، فلا تقول في «بيّن» : «بين». قياسا على «لين» ، ويقيس ذلك في ذوات الواو. وحجّته أنّ ذوات الواو قد كانت الواو فيها قد قلبت ياء فخفّفت بحذف أحدى الياءين منها ، لأن التغيير يأنس بالتغيير ؛ ألا ترى أنهم يقولون في النسب إلى «فعيل» «فعيليّ» فلا يحذفون الياء ، ويقولون في النسب إلى «فعيلة» : «فعليّ» فيحذفون الياء ، لحذفهم التاء.
وزعم البغداديون أنّ «سيّدا» و «ميّتا» وأمثالهما في الأصل على وزن «فيعل» بفتح العين ، والأصل «سيّد» و «ميّت» ، ثم غيّر على غير قياس ، كما قالوا في النّسب إلى «بصرة» «بصريّ» فكسروا الباء والذي حملهم على ذلك أنه لم يوجد «فيعل» في الصحيح مكسور العين ، بل يكون مفتوحها نحو «صيرف» و «صيقل».
وهذا الذي ذهبوا إليه فاسد ، لأنه لا ينبغي أن يحمل على الشذوذ ما أمكن. وأيضا فإنه لو كان كتغيير «بصريّ» لم يطرّد. فاطّراده في مثل «سيّد» و «ميّت» و «ليّن» و «هيّن» و «بيّن» دليل على بطلان ما ذهبوا إليه فأمّا مجيئه على «فيعل» مع أنّ الصحيح لم يجىء
__________________
(١) البيت من البحر الطويل ، وهو لذي الرمة في ديوانه ص ١٠٠٣ ، وخزانة الأدب للبغدادي ٣ / ٤١٩ ، وشرح شواهد الشافية ص ٣٨١ ، وشرح المفصل لابن يعيش ١٠ / ٩٣ ، والمنصف لابن جني ٢ / ٥ ، ولأبي النجم الكلابي في شرح التصريح للشيخ خالد الأزهري ٢ / ٣٨٣.