وهذا الذي علّل به أبو الحسن باطل ، لأنّ «شأى» عينه حرف حلق ، وما عينه حرف حلق فإنّ قياس مضارعه أن يجيء على «يفعل» بفتح العين ، نحو «جأر يجأر». ولو كان هذا القدر يوجب قلب الألف ياء لوجب أن تثبت الواو في مثل «يطأ» و «يسع» ، كما يفعل ذلك في مضارع «فعل» الذي فاؤه واو ، نحو «وجل يوجل» ، فكما لم يرع هنا شبهه بـ «فعل» فكذلك ينبغي أن يفعل في «يشأى».
وكأنّ أبا الحسن أخذ هذا التعليل من سيبويه ، حيث علّل كسر أوّل «تئبى» ـ وإن كان الماضي على «فعل» ، وإنما يكسر أوّل المضارع من «فعل» بكون المضارع جاء على «يفعل» ، فلمّا جاء مضارعه كمضارع «فعل» المكسور العين كسر أوّل المضارع ، كما يكسر أوّل المضارع من «فعل» وليس ما ذهب إليه أبو الحسن مثل ما ذكر سيبويه لأنّ «أبى» ليس لامه حرف حلق ، فكان قياس مضارعه أن يجيء على «يفعل» بكسر العين ، فجاء مضارعه مفتوح العين كمضارع «فعل». فتوهّم ماضي «يأبى» على «فعل» توهّم صحيح.
وما كان من هذه الأفعال المضارعة في آخره واو أو ياء فإنه يكون في موضع الرفع ساكن الآخر نحو «يغزو» و «يرمي». فتحذف الضمّة لاستثقالها في الياء والواو ؛ لأنها مع الواو بمنزلة واوين ، ومع الياء بمنزلة ياء وواو. وذلك ثقيل.
ويكون في موضع الجزم محذوف الآخر ، نحو «لم يرم» و «لم يغز» وإنما حذفت الياء والواو في الجزم ، لئلّا يكون لفظ المرفوع كلفظ المجزوم لو أبقيت الياء والواو. وأيضا فإن الياء والواو لمّا عاقبتا الضّمّة فلم تظهر معهما ، أجريتا مجرى الضّمّة ، فحذفتا للجزم كما تحذف الضّمّة.
ويكون في موضع النّصب مفتوح الآخر ، نحو «لن يغزو» و «لن يرمي» ، لأنّ الفتحة خفيفة. وقد تسكن الياء والواو في موضع النصب ضرورة ، تشبيها لها بالضّمّة ، أو للياء والواو بالألف فتقول «لن يغزو» و «لن يرمي». ومن ذلك قوله :
وأن يعرين إن كسي الجواري |
|
فتنبو العين عن كرم عجاف (١) |
يريد «فتنبو العين». وقول الأخطل :
__________________
(١) البيت من البحر الوافر ، وهو لعمران بن حطان في الأغاني للأصبهاني ١٨ / ٤٩ ، ولأبي خالد الفناني في شرح شواهد المغني للسيوطي ٢ / ٨٨٦ ، ولسان العرب لابن منظور ، مادة (كرم) ، ولسعيد الشيباني في لسان العرب لابن منظور ، مادة (كسا).