وبقراءة حمزة لا تخف دركا ولا تخشى [طه : ٧٧] ، بجزم «تخف» وإثبات الألف في «تخشى» ؛ ألا ترى أنّ «تخشى» معطوف على «لا تخف» وهو مجزوم ، وكذلك أيضا «ترضّاها» في موضع جزم بـ «لا» ؛ ألا ترى أنه قد عطف عليه «ولا تملّق» وهو مجزوم.
ولا حجّة عندي في شيء من ذلك ؛ أما قوله تعالى : (وَلا تَخْشى) فيحتمل أن يكون خبرا مقطوعا ، كأنه قال : وأنت لا تخشى ، امتثالا لنهينا لك. وكذلك «ولا ترضّاها» يحتمل أن يكون جملة خبريّة ، في موضع الحال ، كأنه قال : فطلّق وأنت لا ترضّاها ، ويكون «ولا تملّق» نهيا معطوفا على جملة الأمر التي هي «فطلّق».
فإن كان الفعل على أزيد من ثلاثة أحرف فلا يخلو من أن يكون الفعل مبنيّا للفاعل ، أو للمفعول.
فإن كان مبنيّا للفاعل فإنّ حرف العلّة ينقلب ألفا ، لتحرّكه وانفتاح ما قبله ، إن كان ياء نحو «استرمى» و «رامى» و «ولّى». وإن كان حرف العلّة واوا قلب ياء ، ثم قلبت الياء ألفا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها ، نحو «أغزاه» و «استدعاه» و «استدناه». أصلها «أغزو» و «استدعو» و «استدنو». ثم قلبت الواو ياء فصار «أغزي» و «استدني». ثم قلبت الياء ألفا ، لتحرّكها وانفتاح ما قبلها ، كما كان ذلك فيما كان على ثلاثة أحرف ، إذا انفتح ما قبل حرف العلّة.
فإن قيل : ولأيّ شيء قلبت الواو في الفعل ياء ، إذا وقعت طرفا ، رابعة فصاعدا ، وليس معها ما يوجب قلبها ياء؟.
فالجواب : أنها في ذلك محمولة على المضارع ، نحو «يغزي» و «يستدني» و «يستدعي». وقلبت في المضارع ياء لانكسار ما قبلها ، كما قلبت في مثل «شقي» و «رضي».
فإن قيل : فلأيّ شيء انقلبت الواو ياء في مثل «تفاعل» و «تفعّل» ، نحو «ترجّى» و «تغازى» ، وليس لها ما يوجب قلبها في الماضي ولا في المضارع ؛ ألا ترى أنّ ما قبل الآخر في المضارع مفتوح ، كما أنّ الماضي كذلك ، نحو «يتغازى» و «يترجّى»؟.
فالجواب : أنّ التاء في «ترجّى» و «تغازى» وأمثالهما إنما دخلت على «رجّى» و «غازى» ، وقد كان وجب قلب الواو ياء في «غازى» و «رجّى» ، حملا على «يرجّي» و «يعازي». فلمّا دخلت التاء بقي على ما كان عليه.