وأن يقال «آس». فقولهم «أيس» دليل على أنه مقلوب من «يئس» ، ولذلك لم يعلّ كما لم يعلّ «يئس». ولا ينبغي أن يجعل «أيس» أصلا ويجعل تصحيحه شاذّا ، لأنّ القلب أوسع من تصحيح المعتلّ وأكثر.
فهذه جملة الأشياء التي يتوصّل بها إلى معرفة القلب ، فأما إذا كان للكلمة نظمان ، وقد تصرّف كلّ واحد منهما على حد تصرّف الآخر ، ولم يكن أحدهما مجرّدا من الزوائد والآخر مقترنا بها ، ولم يكن في أحد النظمين ما يشهد له بأنه مقلوب من الآخر ، فإنّ كلّ واحد منهما أصل بنفسه. وذلك «جذب» و «جبذ» ، لأنه يقال «يجذب» و «يجبذ» ، و «جاذب» و «جابذ» ، و «مجذوب». و «مجبوذ». و «جذب» و «جبذ».
[الحذف على غير قياس]
والحذف على غير قياس يكون في : الهمزة ، والألف ، والواو ، والياء ، والهاء ، والنون ، والباء ، والحاء ، والخاء ، والفاء ، والطاء.
حذف الهمزة
حذفت الهمزة من قولنا «الله». أصله في أحد قولي سيبويه «إله» ، فحذفت الهمزة لكثرة الاستعمال ، وصارت الألف واللّام عوضا منها.
وحذفت من «أناس» فقالوا «ناس».
وحذفت من «خذ» و «كل» و «مر». والأصل «اؤخذ ، اؤكل ، اؤمر» ، لأنها من الأخذ والأكل والأمر. فلمّا حذفت الهمزة استغني عن همزة الوصل ، لزوال الهمزة الساكنة.
وحذفت من «سل». والأصل «اسأل» ، لأنه من السؤال.
وحذفت من «أب» فقالوا «يابا فلان». قال أبو الأسود الدؤليّ :
يا با المغيرة ربّ أمر معضل |
|
فرّجته بالمكر منّي والدّها (١) |
وحكى أبو زيد : «لا بالك» يريدون : «لا أبا لك».
__________________
(١) البيت من البحر الكامل ، وهو لأبي الأسود الدؤلي في ملحق ديوانه ص ٣٧٨ ، وبلا نسبة في خزانة الأدب للبغدادي ١٠ / ٣٤١ ، ورصف المباني للمالقي ص ٤٤.