إلّا في حرف ، والهمزة يتصوّر النطق بها وحدها كسائر الحروف. فدلّ ذلك على أنها حرف.
وقد تبلغ الحروف خمسة وثلاثين حرفا بفروع حسنة تلحقها ، يؤخذ بها في القرآن وفصيح الكلام. وهي : النون الخفيفة ـ وهي النون الساكنة إذا كان بعدها حرف من الحروف التي تخفى معه ـ والهمزة المخفّفة ، وألف التفخيم ، وألف الإمالة ، والشين التي كالجيم نحو «أجدق» في «أشدق» ، والصاد التي كالزاي في نحو «مصدر». وسيبيّن بعد ، إن شاء الله تعالى.
وقد تبلغ ثلاثة وأربعين حرفا بفروع غير مستحسنة ، ولا مأخوذ بها في القرآن ولا في الشعر. ولا تكاد توجد إلّا في لغة ضعيفة مرذولة. وهي :
الكاف التي كالجيم : وقد أخبر أبو بكر بن دريد أنها لغة في اليمن ، يقولون في «كمل» : «جمل». وهي كثيرة في عوامّ أهل بغداد.
والجيم التي كالكاف : وهي بمنزلة ذلك ، فيقولون في «رجل» «ركل» ، فيقرّبونها من الكاف.
والجيم التي كالشين : نحو «اشتمعوا» و «أشدر» ، يريدون «اجتمعوا» و «أجدر».
والطاء التي كالتاء : نحو «تال» تريد «طال». وهي تسمع من عجم أهل المشرق كثيرا ، لأنّ الطاء في أصل لغتهم معدومة. فإذا احتاجوا إلى النطق بها ضعف نطقهم بها.
والضاد الضعيفة : يقولون في «اثردله» : «اضردله». يقرّبون الثاء من الضاد. وكأنّ ذلك في لغة قوم ليس في أصل حروفهم الضاد ، فإذا تكلّفوها ضعف نطقهم بها لذلك.
والصاد التي كالسين : نحو «سائر» في «صائر». قرّبت منها ، لأنّ الصاد والسين من مخرج واحد.
والباء التي كالفاء : وهي كثيرة في لغة الفرس وغيرهم من العجم. وهي على لفظين : أحدهما لفظ الباء أغلب عليه من لفظ الفاء ، والآخر بالعكس نحو «بلح» و «برطيل».
والظاء التي كالثاء : يقولون في «ظالم» : «ثالم».
وكأنّ الذين تكلّموا بهذه الحروف المسترذلة خالطوا العجم ، فأخذوا من لغتهم.
* * *